قلبُ الإنسان قادرٌ على عمل أمور عظيمة جداً!!
الرئيس العام للرهبنة السالسية – آذار / مارس 2021
كلمة “سالزياني” مرادفة لـ ” الحياة من أجل الآخرين”، هذه هي الطريقة التي نعرّف بها السالسيين.. هكذا هم.. وهكذا يعيشون..
أصدقائي وقرائي المخلصين، أحييكم بكل مودة!
آتي إليكم وقلبي منبهر بما استطعت اختباره كانت هناك أشياء كثيرة أثارت إعجابي، لكن برزت اليوم بالتحديد شهادتان.
في الأولى.. أنا لم أكن سوى شاهداً على حديث وفي الثانية كنت مجرد متلقي لرسالة.
لكن كلا الأمرين جعلاني أشعر أن قلب الإنسان قادرٌ على القيام بأشياء عظيمة وجميلة.. وأود أن أشاركها معكم.
تم الحدث الأول ليلة 29 كانون الثاني / يناير 2021 في فالدوكو، في بازيليك مريم أم المعونة، حيث جلست على المقاعد المتوزعة بالكنيسة، بين الناس وشاركت بسهرات الصلاة التي تسبق عيد قديسنا الحبيب وأب العائلة السالسية.
نظّم ونسّق سهرة الصلاة في تلك الليلة أربعة من الشبان الذين شاركوا في اجتماع “اقتصاد البابا فرنسيس” الذي عقد في روما سابقاً، ونظمه الكرسي الرسولي. هؤلاء هم رواد الأعمال الشباب الذين لا يعتبرون التجارة وسيلة للثراء على حساب إفقار الآخرين، ولكن الذين ينخرطون في الأعمال التجارية بحس من العدالة والتضامن.
أدلى اثنان من هؤلاء الشباب بشهادة حياة أخذتنا إلى ما هو أبعد من تفاصيل إدارة الأموال، شاركنا أحدهم بعاطفة عميقة أنه فقد والده منذ عامين وكيف سعت والدته الأرملة إلى طريقة تعطي بها معنى لحياتها في ذكرى وفاة زوجها الحبيب: فقررت أن تستقبل بمنزلها بالإضافة لأطفالها طفلين مهاجرين في إيطاليا من الوحيدين الذين ليس لديهم أقرباء أو أي شخص من العائلة ليكفلهم.
شاركنا هذا الشاب مدى عمق تأثره هو وإخوته بقرار وشجاعة والدتهم لعيش الإنجيل الذي نحتاج لعيشه اليوم: بطريقة ملموسة كإيمان له وجوه منظورة وأسماء ندعو بها الأشخاص الذين يحيون به.
الشهادة الثانية كانت من سيدة أعمال شابة قررت أن تدرِّس طفلاً سنغالي الجنسية لمساعدته ريثما يشق طريقه بنفسه وينمو ويعمل في تعليمه ويعدّ نفسه للحياة.
لقد تأثرت بشدة بها لأنها أظهرت لنا بأننا نستطيع أن نحيا الإنجيل بدون “حلاوة مصطنعة”..
شهادتها تعني أننا اليوم أيضاً يمكننا أن نعيش هذه الحياة.. بلا شك، يعيش الكثير منكم هكذا كل واحد بطريقته الخاصة ببساطة وبشكل ملموس.
إنها إحدى تلك “الرسائل النادرة” التي تتحدث عن الأمور “الملموسة”..
أود أن أقدم لكم شهادة أخرى!
شهادة تؤكد ما هو محفور بعمق في قلبي، لقد قلت هذا أكثر من مرة: في عالم مثل عالمنا، وهو بلا شك معقد للغاية ويحيط به الكثير من قوى الظلام والوقائع المؤلمة، يجب علينا أن نعلن الخير الذي يتم.
فعل دون بوسكو هذا يومياً وسأفعل ذلك هنا الآن..
قبل أيام قليلة فقط تلقيت إحدى تلك الرسائل النادرة التي لا تحمل معها شكاوى ولا تتحدث بالسوء عن أي شخص (بالتأكيد أنتم تعلمون أن الشكاوى متكررة في كل مكان).
بل على العكس من ذلك حملت هذه الرسالة شهادة شابة عاشت لسنوات في بيئة سالسية وتركت تلك السنوات أثراً طيباً على حياتها دفعها نحو الأفضل عند قراءة رسالتها رقّ قلبي. وقلت لنفسي أنه يتوجب عليّ مشاركتها معكم حتى تسمعوا أيضاً شيئاً جيداً يلمس القلب ولا يسبب له الألم.
هذا ما قالته الشابة:
((عزيزي الأب أنخل: منذ أن اكتشفتُ طريقة الكتابة إليك كنت أرغب بشدة بمشاركة بعض الأشياء معك.
هنا حيث أعيش السالزيان رائعون، هم يحيطوننا بلطف عندما نشعر بالحزن ويرافقوننا عندما نشعر بالوحدة، ويبحثون دائماً عن وقت للاستماع إلينا ويحثوننا على الإيمان والثقة بالله والأمل بالرغم مما يحيط بنا من صعوبات.
إنهم يهدئون أرواحنا في اللحظات المريرة ويحتفلون بأفراحنا كما لو كانت أفراحهم.. صدقني أيها الأب العزيز أنا لا أختلق القصص. لقد أضيئت حياتي كلها بواسطة الروحانية السالسية أولاً، في مدينة صغيرة (حيث كان أول منزل سالسي في الأمريكتين تم افتتاحه) والآن خلال السنوات القليلة الماضية في روزاريو وهي مدينة كبيرة وجميلة.
اليوم هنا في بيت سان خوسيه السالسي، أعمل في المدرسة وأشارك في نشاطات الرعية لقد اختبرت بنفسي ما سأشاركه الآن.
مديرنا الأب “فلان” ينادي كل طالب باسمه يعرف كيف يرافق كل شخص في اللحظات المؤلمة.
إن حياة العديد من أطفالنا مملوءة بقصص وحقائق مؤلمة وصعبة أحدهم مصاب بسرطان الدم، آخرون توفي آباؤهم، والبعض الآخر يعيش في وسط العنف الأسري والعديد من المصائب الأخرى يعرف كل واحد منهم ويحتضنهم بقلبه وكلامه.
وهناك سالسي آخر يحيي الكنيسة وينشط المؤمنين في كل قداس، ومن ثم هناك الأب “فلان” الذي وعلى الرغم من تقدمه في السن يختلط بين الأطفال ويسليهم بسرد قصص من “الأيام الخوالي”.
في بيت سالسي آخر مع الأب “فلان” نبحث بلا كلل عن أفضل طريقة لتعليم تلاميذ الصف الأول للبدء في القراءة والكتابة ومازال هناك العديد من الأسماء التي يمكنني ذكرها
يوم السبت سافرت أكثر من 900 ميل فقط لرؤية الأب الفلاني الذي يقيم في دار Zatti للمتقاعدين.
ذهبنا لرؤيته فقط لنذكّره كم هو محبوب ولنرد قليلاً من الجميل لجميع أعماله التي فعلها لأجلنا ولنتناول الغداء معه.. تأثر بعمق بهذه البادرة وكأنه يقول فهمت الآن أن كل شيء فعله كان يستحق ذلك، كثير من وقته ضحى به في خدمة الآخرين!
لم يذهب سدى “السالزياني” مرادف لمصطلح “الحياة من أجل الآخرين” هذه هي الطريقة التي نعرّف بها السالسيون هنا.. هكذا هم.. وهكذا يعيشون بهذا الأسلوب “نحن في العالم من أجل الآخرين”..
إن الأب “فلان” باستمرار يحاكي بحياته أسلوب ونمط دون بوسكو. نعم!
هذا هو السبب في وجود شيء مميز في جو بيتنا السالسي، شيء غير مرئي في بيئتنا الصغيرة في ملاعب مدرستنا.. كل ما نقوم به مفعم بروح من الفرح والرجاء والقداسة.
أصلي من أجلك ومن أجل كل سالسي يجعلنا نشعر أن دون بوسكو على قيد الحياة وأنه كان دائماً حياً وسوف يظل حياً فينا))
هاكم هذه الشهادة الثمينة المليئة بالحيوية والحياة!!
أنا احتفظ بهويتها للشابة مجهولة حتى لا تجعلها تحمرّ خجلاً ولكن قد يكون هناك أشخاص يعتقدون أنني أقوم بذلك بغرض “الدعاية” عندما يقرؤون هذا، تعلمون يا أصدقائي أنني لست أفعل ذلك بتلك النية.
لكن لم لا أتحدث عن ذلك، لماذا يجب أن أسكت عن الأخبار التي تمنح الحياة والتي تروي حقيقة أولئك الذين ينقلون تجربة عميقة في قلوبهم كتبوها لنا؟
بكل بساطة أنا سعيد بالقول إن الأولاد في فالدوكو يعرفون هذه الحقيقة لأن دون بوسكو كان على قيد الحياة فيما بينهم.
كم يسعدني معرفة أن العديد من بيوتنا اليوم بها ذات “نكهة فالدوكو”!
أتمنى أن تكونوا جميعاً بخير! ونرجو أن تبتهج قلوبكم وتنفتح على الأمل.
الرئاسة العامة للرهبنة السالزيانية