تذكار جميع الإخوة السالسيون

المتوفون

إنّ الكنيسةَ لنْ تبلُغَ كمالَها إلّا في المجدِ السماوي. لذلك «ما دُمنا في هذا الجَسَد، نَحْنُ في هِجرَةٍ عنِ الرَّبّ» (٢ قور ٥/٦) وإذ «لَنا باكورةُ الرُّوحِ نَئِنُّ في البَاطِن مُنتظِرينَ التَّـبَـنِّي، أَيِ افتِداءَ أَجسادِنا» (رو ٨/٢٣)، ونرغَبُ في أنْ نرحَلَ لِنكونَ مع الربّ (فيل ١/٢٣).

إلّا أنّنا قبلَ أنْ نملِكَ معه، سنظهَرُ «أَمامَ مَحْكَمةِ المسيح لِـيَنالَ كُلُّ واحِدٍ جَزاءَ ما عَمِلَ وهو في الجَسَد، أَخَيرًا كانَ أَم شَرًّا» (٢ قور ٥/١٠). فبالإيمانِ ننتظرُ «تَجَلِّيَ مَجْدِ إلهِنا العَظيم ومُخَلِّصِنا يسوعَ المسيحِ» (طي ٢/١٣) «الَّذي سيُغَيِّرُ هَيئَةَ جَسَدِنا الحَقير فيَجعَلُه على صُورةِ جَسَدِہِ المَجيد» (فيل ٣/٢١).

إلى أن يأتي ذلكَ اليومُ، يُكمِلُ بعضُنا غُربتَـهُم على الأرضِ، والبعضُ وقد أكمَلُوا حياتَـهُم يُطهَّرون، والبعضُ الآخرُ يتأمّلون في وجهِ ﷲ في المجد. إنّما نشتركُ كلُّنا، ولو على درجاتٍ وتحتَ أشكالٍ متنوِّعةٍ، في المحبةِ نفسِها لله وللقريب. لذا أحاطَتِ الكنيسةُ بتقوًى كبيرة ذِكرَ الموتى وذلكَ منذُ العصورِ المسيحيةِ الأولى وقدَّمَتْ عنْ نيَّتهِم التقادِمَ «لأنَّ فكرةَ الصلاةِ لأجلِ الموتى كي يَخْلُصوا من خطاياهُم هي فكرةٌ مُقدَّسَةٌ تَـقَوّية» (٢ مك ١٢/٤٥).

فذبيحةُ المسيحِ الإفخارستيا تُسعِفُ إخوتَنا هؤلاء لكي يُطَهَّروا من كلِّ شائبة ليتنعّموا بمجد ﷲ. (المجمع الفاتيكاني الثاني، “نور الأمم”، ٤٨-٤٩).

إن الاحتفال بالإفخارستيا في ذكرى الإخوة السالسيين المتوفين ليس صلاة تذكارية فقط، بل هو أيضاً فعل شكر لله على منح كنيسته الكثير من الرجال الكرماء، الذين استجابوا لالتزام مع الرب بالعمل مع القديس يوحنا بوسكو في ممارسة المشورات الإنجيلية، من أجل خير الشبيبة.

لقد ورثِنا عن آبائنا وإخواننِا إرثًا ثمينًا.  وهم الإخوة الذين بذلوا حياتهم حتى الرمق الأخير، حيث أن هؤلاء الإخوة ما زالوا أحياء في الذاكرة، وآخرون وإن كان ذكرهم يقتصر في كتاب تذكار الموتى السالسيين فقد تميزت حياتهم بالتواضع والخفاء.

إن جمعيتنا السالسية تريد في هذا اليوم أن تُعلن فضائل هؤلاء الإخوة المتوفين، وتريد أن تَحمد وتشكر الله على ما قدموه للكنيسة، هذا هو الموقف الذي ينبع بشكل عفوي من قلوبنا الممتلئة بالامتنان. لأننا تقاسمنا معهم، العمل والأمل والإيمان والعناء والمحبة والفرح.