الروحانية السالسية للشباب
“ركائز الروحانية السالسية”
“ركائز الروحانية السالسية”
الروحانية السالسية
الأب جان ماريا جناتسا بتصرّف عن CG23, 161-180
للجميع
عيش الحياة اليومية في عمق سرّ الله
1. روحانية الأمور اليومية:
الحياة اليومية مجال يكتشف فيه الشاب حضور الله الفعّال ويعيش تحقيق ذاته.
2. روحانية الفرح والتفاؤل:
تعاش الأمور اليومية بالفرح والتفاؤل، دون التخلّي عن الالتزام والمسؤولية.
3. روحانية الصداقة مع يسوع:
المسيح القائم في الفصح يقدّم أسباب الرجاء ويُدخل في حياة تجد فيه معناها الكامل.
4. روحانية الشركة الكنسية:
تعاش الحياة اليومية في الكنيسة، البيئة الطبيعية للنموّ في الإيمان من خلال الأسرار. في الكنيسة نجد مريم العذراء، المؤمنة الأولى، وهي تَسبُق، ترافق وتُلهم.
5. روحانية الخدمة المسؤولة:
تُعاش الحياة اليومية كخدمة بسخاء، في الأمور العادية وغير العادية
الروحانية: مسيرة مستمرّة تدريجية بحثًا عن الهوية المسيحية، مسيرة تربية إيمانية مستمرة.
الروحانية، الهوية المسيحية، القداسة أمور يتشابك بعضها ببعض حتى تترادف.
الروحانية للشباب: روحانية موجّهة للشباب التائقين إلى القيم والالتزام والحماس والأهداف.
“إنّ دون بوسكو هو مبتكر مدرسة روحانية رسولية جديدة وجذابة (رسالة يوحنا بولس الثاني، أبو الشباب”، رقم 5).
إن دون بوسكو “رائد روحانية للشبيبة” (رسالة يوحنا بولس الثاني، أبو الشباب”، رقم 16): سرّ نجاحه في ذلك أنه لم يخيّب أبدا طموحات الشبيبة العميقة (حب العيش والعاطفة والانفتاح والفرح والحرّية والمستقبل) بل كان يقودهم، بصورة تصاعدية وواقعية نحو اختيار “حياة النعمة” أي صداقة. المسيح فتتحقق بذلك فقط القيم الأكثر أصالة (رسالة يوحنا بولس الثاني، أبو الشباب”، رقم 16).
العيش في حضور الله من خلال الحياة اليومية: الاتحاد بالله وقت اللهو وأثناء العمل، القيام بالواجب برفق وصبر. الحياة اليومية بمتطلباتها هي المجال الأفضل للقاء الله والاستجابة لإرادته. كان العبارة “الله يراني ويحبني” مكتوبة على جدران فالْدُوكّو؛ وعبارة “لتكن كل غرزة إبرة فعل محبة لله” تُرَدَّد في مشغل مُورْنِيزِه.
1. روحانية الأمور اليومية:
التحدّي الأساسي لمؤمن ولجماعة تحويل خبرة الحياة، بقوة الإيمان، إلى خبرة إنجيلية.
من السهل الإعلان بكوننا مسيحيين بشكل عامّ؛ من الصعب العيش كمسيحيين من خلال مشاكل الحياة وتطبيق متطلّبات التطويبات في الواقع.
هناك نماذج مختلفة للروحانية:
روحانية الأمور المنفصلة: الصداقة – الصلاة – اللعب والدرس – الكتاب المقدّس – أوقات الفراغ – القربان… كلّها أمور متقطّعة أو متتالية ولكن منفصلة بعضها عن بعض.
روحانية الهروب من أمور الدنيا:
روحانية التجسّد:
أين نختبر الله؟ أفي القربان والصلاة؟ وحياتنا اليومية أوليس لها علاقة مع الله؟
“الأمور اليومية، الأحداث والأشخاص، الوجود مع تساؤلاته ومفاجآته ميدان مميّز للروحانية السالسية” (الأب إيجينيو فيغانو).
نقطة الانطلاق: في يسوع، لقد أصبح الله واحدا منا.
قد علّمنا يسوع أن الميدان الأساسي لنلتقي مع الله هو اللقاء معه من خلال البشر: “كلّما صنعتم شيئا من ذلك لواحد من إخوتي هؤلاء الصغار، فلي قد صنعتموه” (متى 25/40).
“تنقيب الواقع للعثور على الله…من خلال ثلاثة محاور: الإيمان لتفسير الواقع الذي نعيشه؛ الرجاء لتخطيط النشاطات؛ المحبة نحو كل شخص، لأنه صورة الله” (الأب إيجينيو فيغانو).
في الخبرة السالسية هناك إحساس أساسي ومُفرح: ليس من الضروري التخلّي من الحياة العادية للقاء مع الرب؛ فالحياة العادية لها قيمة: هي مجال اللقاء مع الربّ.
قبول الحياة مع تحدياتها وتساؤلاتها وتوتّر النموّ، والعمل لاجتياز الالتباس الممكن أن يكون موجودا في الحياة اليومية والانفتاح إلى التضامن والمشاركة هذا هو ميدان اللقاء مع الله.
2. روحانية الفرح والتفاؤل:
من الكلمات المأثورة لدى دون بوسكو أن القداسة تقوم في الفرح المستمر.
قدّم دون بوسكو للشباب المهمّشين في زمانه إمكانية اختبار الحياة كعيد والإيمان كسعادة.
فالموسيقى، اللتمثيليات، الرياضة والرحلات اعتُبرت في الأسلوب السالسي التربوي كعناصر تربوية لها أهمية كبرى إذ إنها تحرّك طاقات خير عديدة توجَّه نحو الالتزام والخدمة والعطاء.
ليس العيد السالسي تعبيرا عن فراغ داخلي يبحث عن تعويض ولا مناسبة السهو عن الواقع الذي قد يكون شاقا، بل إنّه مناسبة لخلق صداقة وتنمية الطاقات الإيجابية الموجودة في الشباب. في نظر دون بوسكو الفرح ينبع من حياة النعمة، التي تُلزم الشاب في خبرة مسيرة عملية صعبة يتّصف بالزهد وبحسن السلوك.
وجّه دون بوسكو مدى حياته الشباب في طريق قداسة سهلة مُفرحة ووحّد في خبرة حياتية واحدة أوقات اللعب وأوقات الدراسة الجدّية مع حسّ مرهف لتتميم الواجب.
خارج مسيرة جدّية ملتزمة، يزداد النموّ صعوبةً.
الحياة الشخصية وتاريخ الإنسانية ميدان يبني فيه الله ملكوته، بالرغم من حواجز الخطيئة والشرّ. ذلك ما يؤدّي بنا إلى التفاؤل، إلى الثقة، إلى السلام والاطمئنان.
3. روحانية الصداقة مع الربّ:
لا يكتفي الشاب المؤمن باللقاء الأوّل مع الربّ، بل يميل إلى تعمّق المعرفة والتعلّق بشخصه وتعاليمه فيجد فيه الصديق والمعلّم والمخلّص.
كان دون بوسكو يردّد أن التربية أمر يخصّ القلب. حتى مسيرة الروحانية تتطلّب قلبا جديدا. إن لم يُوصَل إلى هذا المحور الذي يحرّك الحياة البشرية، لن يتحقق أي ارتداد عميق ومستمرّ.
لا يكفي أن نعرف من هو يسوع: ضروري أن نكون مسيحيين في الحياة اليومية.
تقوم الروحانية بالتخلّق بأخلاق المسيح في الحياة الواقعية، دون الانسلاخ عن ذواتنا.
تُسَمّى روحانية لأنها عمل عجيب من الروح القدس.
أن تكون لنا روحانية، معناه: قراءة الإنجيل وتجسيمه في الحياة اليومية؛ اكتشاف أن يسوع قدوة لنا تستقطب حياتنا كلّها وتوحّدها.
4. روحانية الشركة الكنسية:
يحسّ الشاب بضرورة البقاء معًا فيحتفلون بفرح الحياة والمشاركة في مجموعات تستقطب اهتماماتهم من رياضية وثقافية ودينية.
العلاقة الشخصية مع المسيح وخبرة المجموعات تؤدّي إلى العلاقة البنوية مع الكنيسة.
كان دون بوسكو رجل شركة فعلّم الشباب أن يعيشوا سرّ الكنيسة، التي تحتضن، مع الضعف البشري، نعمة حضور الله غير المنظور. شهادته الشخصية اليومية والجوّ العائلي الذي خلقه في مؤسساته مما ساهم في زرع في الشباب حسّ التضامن والمسؤولية والخدمة في سبيل كل المحتاجين.
العلاقة مع المسيح القائم تُعاش بنوع خاص في الاحتفال بالأسرار. في طريق القداسة ركّز دون بوسكو بنوع خاص على سرّي التوبة والافخارستيا.
سر التوبة الممهَّد بجوّ مضياف، غنيّ بالصداقة والأخوّة والموجَّه إلى الحياة لتحسين العلاقات المتبادلة وخلق الشروط المناسبة لالتزام جدّي في تتميم الواجبات وتجديد القلب بقصد فعّال. أثمار سرّ التوبة التربوية كثيرة: فيه يجد الشاب القوة ليقرّ بضعفه فيتعلم المسامحة واحترام الآخرين ويقبل دعم محبة الله ويكوّن فيه ضميرا مستقيما.
الاحتفال بالافخارستيا هو العامود الثاني في البنيان السالسي التربوي. من الافخارستيا يتعلّم الشاب تنظيم حياته في ضوء سرّ المسيح الذي يهب ذاته حبّا لنا فيتعلّم متطلبات الشركة وتعدّي أنواع الأنانية والانغلاق وينفتح إلى بذل الذات في نشاطات رسولية مناسبة لجيله ونضوجه المسيحي.
أماّ الصلاة السالسية فلها بعض الميزات الخاصة: إنها صلاة المسيحي العادي في بساطتها؛ تميل إلى جوّ الفرح في اللقاءات مع الشباب وفي الوقت نفسه تعلم كيف تجد الوقت المناسب لحوار شخصي مع الربّ. إنها تعبّر عن نفسها في جمل قصيرة تلقائية، منبثقة من كلمة الله ومن الليتورجية. إنها مرنة وخلاّقة، منفتحة متيقّظة إلى تعليمات الكنيسة المتجددة.
في الروحانية السالسية للشباب مكان خاص لمريم العذراء؛ هي مثال لبعض التصرفات الإنجيلية الخالصة: الإصغاء، الأمانة، الطهارة، بذل الذات والخدمة. إنها أمّ المعونة في لحظات الخطر وهي تدفع إلى الأمل في الجهاد ضد الخطيئة وضدّ موقف الإنسان والعالم المخالف للتطويبات ولوصية المحبة.
5. روحانية الخدمة المسؤولة:
الخدمة مقياس الروحانية.
لخّص دون بوسكو هذه الروحانية في قوله إن أسلوبه يهدف إلى جعل الشباب ” مواطنين صالحين ومسيحيين مستقيمين”.
ذلك يتطلب أن يحترم الشاب قيمة كل شخص، مهما اختلفت الأوضاع؛ أن يعيش مع أهله بالعطاء والخدمة؛ أن يساهم في التضامن ويحترم البيئة ويقوم بعمله بكفاءة وأمانة؛ أن يساهم في نشر العدل، السلام والخير العام.
الأب جان ماريا جناتسا بتصرّف عن CG23, 161-180