من أمراض سوء التربية
الولد المدلّل
الولد المدلّل
مواضيع تربوية
عن مجلة السالزيان الدورية نقلها للعربية الأب السالزياني بشير سكر
للجميع
“الولد المدلّل” هو مرض الوالدين الذين لا يتخذون قراراً بقطع الحبل السرّي.
هذا هو الوصف الذي يتحفنا به طبيب الأطفال الشهير مرتشيللو برناردي حول الموضوع، ويقول: ” الوالدون المصابون بمرض “الولد المدلل” لا يشاؤون أن يكونوا فقط حجر الأساس الذي تُبنَى عليه حياة الأبناء وإنما أن يكونوا الكل في الكل حتى آخر حجر في قمة البناء. يريدون أن يظلّوا والدين دائمين، في خدمة فعّالة متواصلة. يراقبون كل شيء: الطعام والملابس والصداقات والألعاب والمراحل الدراسية والسلوكيات…عواقب هذه التصرفات قد لا تظهر فوراً، لكنها ستكون واضحة في مرحلة المراهقة. كيف سيواجه الفتى الحياة إذا لم يتعلّم من قبل كيف يعيش؟ إذا كان كل شيء قد تم بقرار الغير؟ أي قد أعدّه الآخرون واختاره الآخرون وخطّطه الآخرون؟”
علاوة على ذلك فمرض “الولد المدلل” هو مرض الوالدين الذين يبالغون في حماية أبنائهم وفي الدفاع عنهم في كل الأحوال.
وهذه بعض الأمثلة:
كانت دون شك مصابة بداء “الولد المدلل” تلك الأم التي قررت إبادة أدلّة الجريمة عن ابنها بإحراق سبع روائع من لوحات بابلو بيكاسو الفنية التي كان الولد قد سرقها من متحف روتردام في هولندا عام 2013.
كانت مصابة بداء “الولد المدلل” تلك الأم التي استدعاها المعلم في إحدى مدارس روما ليحذرها أن ابنتها قد تصل الى الرسوب إذا لم تضاعف الاجتهاد، فصرخت في وجهه قائلة: ” هذه مدرسة خاصة! وأنا أسدد المصاريف. فكفّ حضرتك عن إزعاجي!”
كانت مصابة بشدة بداء “الولد المدلل” تلك الأم من شمال غربي إيطاليا (فورلي) حين اتهمت المعلم بالسرقة لأنه حجز هاتف ابنها المحمول، إذ كان التلميذ منهمكاً في تصفّح بعض المواقع غير اللائقة بدلاً من التركيز على الشرح!
خطر مرض “الولد المدلل” يكمن في كونه لعنة على الأبناء. فالابن المحاط بكثير من الحماية يُخيَّل إليه أنه معصوم أو كامل أو غير خاضع للرقابة: وما هذا إلّا تمهيد لمستبدّ مستقبلي أو لطاغية مَقيت!
ليس هذا فقط، بل ومن داء ” الولد المدلل” ينتج من يُسمَّون “بالأبناء المستديمين”:
أي أولئك الأبناء الذين لا يعتزمون أبداً على مغادرة الأسرة، ليؤسّسوا حياة مستقلة.
(… …) من يهوى الأزهار حقاً فإنه لا يدوسها ولا يقطفها لنفسه، لكنه يدعها في الحديقة تنمو وتزهو بجمالها في الهواء الطلق. على الصعيد التربوي، أن نحب حقيقةً الأبناء يعني أن نحرّرهم من ظاهرة الاحتياج الى سندهم. أن نحب الأبناء يعني أن نكف عن اعتبارهم الكواكب التي تحلّق في مدارنا…
كيف نتخلّص من داء “الولد المدلل” المدمِّر؟؟
النجاح مرتبط بالتغلب على ما يسمى ” بعقدة المُنقذ”. نعلم أن المنقذ هو في خشية دائمة من أن يغرق أحدهم. ومن المؤسف أن هذه العقدة انتشرت على نطاق واسع. واضح أن الأخطار التي يتعرض لها الأطفال ليست من وحي الخيال، لكنها لا تستوجب ان نحولها الى عذاب أو الى هوَس!
منع الابن من الذهاب الى المدرسة ثم العودة بمفرده (في سن يسمح له بذلك) هو خوف في غير محله!
منع الابن من الذهاب الى المدرسة بمفرده هو حرمانه من فرصة ذهبية ليكتسب الثقة بنفسه وليدعم تقدير ذاته وأيضاً لمساعدته على الاندماج في المجتمع المحلي.
باختصار، هذا يعني مساعدته على الخروج من التحليق حول ذاته. حسن أيضاً أن نكفّ في أقرب وقت عن تقشير الفاكهة بدلاً منه وأن نتوقف عن مساعدته على الاستحمام، حال وصوله الى مرحلة الاعتماد على النفس.
جيد أيضاً تحفيزه على إعداد وترتيب مائدة الطعام (حتى لو اهتزت يداه في البداية). هام أن نَكِل اليه بعض المسؤوليات التي تتناسب وإمكانياته مع إبداء إعجابنا بذلك.
والأفضل دائماً ألّا نقوم نحن بما يستطيع الابن أن يفعله بمفرده. فلا يصحّ أن نسلب جزءاً من حياته.