الكتاب المقدس
LA BIBBIA مكتبة متكاملة
LA BIBBIA مكتبة متكاملة
مواضيع في التعليم المسيحي
الأب السالزياني داني قريو
للجميع
إنَّ كلمة “بيبليا” من أصلٍ يوناني وهي تعني “الكتب”. ويشكل الكتاب المقدس مكتبة مؤلفة من 73 كتاباً ملهماً من الله بواسطة الروح القدس، وكتب من عدة مؤلفين عرفوا أنَّهم لسان حال الله في وسط شعبهم.
الكتاب المقدس:
هو قصة الخلاص وإذا أردنا أن نتعرف على الكتاب المقدس يجب أن نتعرف على أقسامه:
ليس الكتاب المقدس كتاباً تاريخياً أو كتاباً كرونولوجياً، ولا يؤخذ بطريقة حرفية، إنّه كتاب اختبار عاشه الإنسان، ودونه بإلهام من الله الذي بادر إلى كشف ذاته للإنسان، فدونت أسفار الكتاب المقدس في بيئة محددة وأشخاص عُرفوا في زمنهم، وتركوا لنا اختباراتهم لا الفردية بل الجماعية، في كتبٍ غايتها دينية وخلقية وروحية.
وهو مكتبة مؤلفة من 46 كتاباً باللغة العبرية، تكوّنت خلال عشرة قرون. صنفت هذه الكتب في مجموعات:
العهد القديم:
من الكتاب المقدس تكوّن ما يسمونه التوراة، والتوراة كلمة عبرية معناها الشريعة. ويطلق عليها اسم أسفار موسى الخمسة أو كتب الشريعة. وتسمى أسفار موسى، لأن عن يده حصل شعب اسرائيل على هذه الشريعة، وتحتوي على روايات وتقاليد قصصية وشرائع أثرت في مراحل تكوين شعب اسرائيل وأمّنت بنيته. وعناوين أسفار التوراة هي مترجمة من اليونانية وتشير إلى محتواها.
وهي تضم قصص بداية العالم، ومنشأ الجماعة التي دعاها الله لنفسه شعباً خاصاً. لقد حرر الله شعبه من العبودية، وجعلهم يعبرون بأرجل غير مبتلة عبر بحرٍ هائج، وأرسل لهم الطعام من السماء، وأخرج لهم الماء من الصخر، وكان كل ما طلبه منهم هو أن يطيعوا شرائعه ووصاياه. لكن هذا الشعب عصاه، ولم يطعه مرة بعد الأخرى. لكن منذ المرة الأولى التي عصا فيها الإنسان الله وعد الله أن يصلح الأمر ثانية.
وسفر العدد هو صورة مثالية للشعب لمقدس وقصة المراحل الأولى من وجوده. ومن خلال التمرد والمقاومة لأوامر الله يكتشف الشعب التنبيهات التي تأتيه من الله فالأنبياء.
وهي كتب تاريخ الملوك والأبطال والشعب، وبدأت حيث انتهت التوراة، وهذه الكتب تشكل القسم الثاني من العهد القديم. وهي تروي قصة الشعب الاسرائيلي من لحظة دخوله أرض الميعاد “بلاد كنعان” حتى منتصف السبي. وكيف تمت رسالة الله في حياة الأمة أكثر من كونها تاريخ للأمة.
لقد جاء الله ببني اسرائيل إلى أرضٍ جديدة ليسكنوا فيها، وساعدهم ليتغلبوا على أعدائهم، واختار لهم ملوكاً ليحكموهم. أحياناً كان الشعب يعبد الله ويطيع وصاياه، لكنهم في أغلب الأوقات كانوا يفعلون ما يريدون، فيقعون في مشاكل. وانقسم الشعب إلى مملكتين، وانتهى الأمر بالمملكتين بسبي الأعداء لهما، وأُخذ الشعب إلى بلاد غريبة. عندئذ لم يكن أمامهم سوى التمسك بوعد الله أن يردهم إلى بلادهم، ويرسل لهم أعظم ملك (المسيا).
تبعاً لنوع النص الأدبي أفردت بعض الكتب، وأطلق عليها تسمية حكمية لأنها تكونت من مجموعة شعارات ومبادئ أخلاقية ومن حكم حياتية وتربوية أختبرها شعب الله وعبَّر من خلالها عن فرحه وحزنه وتعليمه وأشغاله ووجباته الاجتماعية والدينية وخصوصاً عن علاقة الله بشعبه. إنّ الحكمة في الكتاب المقدس هي صدى التأمل والاختبار لا مجرد وصايا ووعظ. وأساليب التعبير عنها مختلفة فمنها الأسلوب الشعري والقصصي والمثلي والروائي والنثري وغيره.
وتتحدث هذه الأسفار عن عظمة الله، وجمال خليقته. كما تقدم لنا نصائح وأفكاراً جيدة تساعدنا أن نحيا الحياة التي ترضي الله، وفيها أيضاً نجد إجابات عن أسئلة كثيرة مثل: لماذا يعاني الصالحون الضيق والألم؟ كما نجد في العديد من هذه القصائد الشعرية وعوداً بأمور عجيبة ستحدث عندما يرسل الله قائداً جديداً عظيماً (المسيا) لشعبه.
وهي تأتي من حيث التكريم والرتبة بعد كتب الشريعة لأنها تكمّل تاريخ شعب الله. والأنبياء رجالاً بعثهم الله للقيام بهذه المهمة المحددة: دعوة الشعب للرجوع إلى الله والسير في طريقه، بعدما تفاقم التهاون فصار إهمالاً شديداً، وبطلت شريعة الله المقدسة التي ترسم حدود الحياة أن تكون تلك القوة الفعالة التي تقوّلب حياة الافراد والمجتمع.
لقد أعطى الله رسائله إلى شعبه بواسطة رسل مخصوصين هم الأنبياء. وقد كانت الكثير من تلك الرسائل تحذيراً للشعب لطيعوا وصايا الله وإلا سيعاقبون. وقد أرسل معظم أولئك الأنبياء في وقت اشتداد الضيق على الشعب، عند مهاجمة الأعداء لهم. لكن فيما بعد، عندما أخذ الشعب أسرى في بلادٍ غريبة أعطاهم الأنبياء وعد الله لهم بملك جديد، ومستقبل رائع معه.
العهد الجديد “الإنجيل”:
كلمة “إنجيل” من أصلٍ يوناني، وهي مركبة من كلمتين: “إون غليون” الأولى معناها “سار أو مفرح” والثانية معناها “خبر” فإن كلمة إنجيل تعني: الخبر السار أو البشرى. واستعمل العبرانيون لفظة عبرية “بسورة” أي البشارة وهي تعني بشرى بخلاص الشعب على يد الله. أما الرسل والتلاميذ، فقد دعوا حدث المسيح “إنجيلاً”. واليوم تستعمل الكنيسة كلمة “إنجيل” للدلالة على الكتب الأربعة الأولى من العهد الجديد.
ويسجل كيف تحقق “وعد الله”. فقد كتب الإنجيليون الذين عايشوا تحقيق ذلك الوعد ما حدث بالضبط؛ فكتبوا أموراً كثيرة هامة عن معنى وعد الله بالنسبة لكل واحد منهم.
تكوين الأناجيل:
إن يسوع لم يكتب أو يملي، بل أودع تعاليمه وأعماله ذاكرة تلاميذه. وبعد موته وقيامته، أعطاهم الروح القدس، فذكرهم بكلِّ ما علَّم وعمل، ثم أرسلهم يُعلّمون. فعلّم التلاميذ ورووا آيات، ورددوا أمثالاً أو أخبروا عن أعمال يسوع، وموته وقيامته، وصعوده إلى السماء. توالى هذا التعليم تقليداً شفهياً حيّاً، وظلَّ هكذا عشرات السنين. ثم كان التدوين محدود: دونت أولاً قصة الآلام والقيامة. ثم دونت أحداث وكلمات وآيات، توضح ملامح شخصية يسوع ورسالته وتعليمه. وتطور التدوين واتسع وأودع كتاباً وما لبث أن جمعت في مجموعات تضم حياة يسوع منذ البشارة به وعماده حتى موته وقيامته وتمجيده.
الإنجيل بحسب متى:
يرمّز: بالملاك لأنه ابتدأ إنجيله بنسب يسوع.
ودوّن إنجيله بالبهجة العبرية حوالي سنة 44م ووجهه إلى اليهود لإثبات مسيحية يسوع ولذلك يبرز فيه ما جاء عن المسيح من نبوءات ولاسيما بما يتعلق بمولده من عذراء ورسالته في الجليل ودخوله إلى اورشليم دخول ملوك اسرائيل وأخيراً ما يتعلق بآلامه فيسوع هذا هو المسيح بن داوود المنتظر وقام بترجمة إنجيله إلى اليونانية بنفسه.
الإنجيل بحسب مرقس:
يرمّز: بالأسد لأنه ابتدأ بصراخ يونا في البرية.
كان مرقس تلميذ لبطرس، ودوّن انجيله سنة64م. وسجل فيه ما سمعه من معلمه. ويستدل من طريقة وصفه لخراب اورشليم سنة 70 أن هذه الحادثة ستحدث وقد وجّه إنجيله إلى الرومانيين وعنى بتفسير بعض العادات اليهودية الغريبة عن قرائه. وحرص على ابراز أعمال يسوع ومعجزاته التي تبرهن أنّه المسيح ابن الله. ويتسم هذا الإنجيل بطابع البساطة الصريحة وقوة الملاحظة وأورد حادثة إنكار بطرس بجزيئاتها كما سمعها من معلمه.
الإنجيل بحسب لوقا:
يرمّز: بالثور لجرأته واندفاعه في البشارة.
وكان لوقا، ابن انطاكية طبيباً وأديباً معاً، وهو مرافق بولس وكتب انجيله سنة 65م باللغة اليونانية. يخاطب فيه مواطنيه اليونانيين، وقد عرف لوقا انجيل مرقس كما استقى من مريم العذراء معلوماته عن طفولة يسوع، ورافق بولس في أسفاره ودوّن كتاب أعمال الرسل. وانفرد إنجيله بإيراد أمثال الرحمة، كالخروف الضال والابن الشاطر كما أنّه أبرز ما يحدثه يسوع “الطبيب الروحي في قلوب العشارين والخطأ من تحول وارتداد”.
الإنجيل بحسب يوحنا:
يرمّز: بالنسر لأن النسر وحده يمكنه التحديق إلى الشمس فهو يرمز إلى التأمل.
ألّف انجيل في أواخر حياته سنة 95 في أفسس وكان شاهد عيان لما كتب. ويسمى إنجيله باللاهوتي لأنه سبر كنه المسيح وأبرز ألوهيته وأثبت أنّه “الكلمة” المتجسد مبيناً أنّ يسوع هو إله حق وإنسان حق. ويدخلنا هذا الإنجيل في سر الثالوث الأقدس، سر المحبة. وكتب إنجيله ليعلن على الملأ أنّ الله صار إنساناً ليخلص العالم.
أعمال الرسل:
كتبت من قبل لوقا يصف تاريخ الكنيسة من ولادتها في يوم العنصرة إلى نهاية أيام سجن بولس في رومة. ويصف انتشار المسيحية حول شمال المتوسط عبر سوريا وتركيا واليونان والإمبراطورية الرومانية. وإن الأعمال المذكورة هي بالأخص تلك التي قام بها الرسولين بطرس وبولس. مع أنّه يمكن أن يدعى أعمال الروح القدس لأن الكنيسة ولدت في ذلك الزمن وتمكنت بإدارتها من اختراق الحدود القومية في اسرائيل لتصبح حركة دولية عالمية.
لم يكن موت المسيح وقيامته نهاية القصة وانتهاء الوعد، لكن تلك كانت مجرد البداية. فبعد قيامة المسيح أوصى تلاميذه بأن يعلنوا للعالم أجمع هذه البشرى، وكيف آمنوا بها، وكيف أخذوها إلى كافة أنحاء العالم.
الرسائل:
وتتنوع محتوياتها وكلها هامة لأنها تمثِّل ما علمه الرسل ورفاقهم. وتجمع التعاليم عن الله والإنجيل المسيحي مع الإرشاد في الحياة والسلوك. وتعطي نظرة عن مشاكل الكنيسة الأولى وكيف قولبت.
الرؤيا:
كتبت من يوحنا وهي بشرى خاصة ونبوية وأدرج فيها كثيراً من الصور والرموز. ورسالتها الكنيسة بالرغم من كل الصعوبات التي تتواجد في كل زمن يجب أن تنظر إلى المجد في أورشليم السماوية والمجيء النهائي ليسوع المسيح.
خلفية سفر الرؤيا:
حاول الرومان جاهدين أن يُخضعوا كل الناس لعبادة الإمبراطور الروماني، لكن المسيحيين كانوا يرفضون، لذلك ضايقهم الرومان في معيشتهم جداً وبسبب شهادة يوحنا للمسيح نفاه الرومان إلى جزيرة بطمس. ولما كان المسيحيين محتاجين لمعرفة أن هناك رجاء لهم في المستقبل: أعلن الله ليوحنا صوراً كثيرة من المستقبل ليعطيهم ذلك الرجاء.
يبدأ الكتاب المقدس بسفر التكوين مبيناً بداية الحياة بنشأة العالم. وفي سفر الرؤيا “خاتمة الكتاب المقدس” نرى نهاية العالم الذي نعرفه. كما نرى الانتصار الكامل الأبدي على الشيطان.
مقارنة بين سفر التكوين وسفر الرؤيا: