الأخلاق
لمرحلة المراهقة الأولى
لمرحلة المراهقة الأولى
مواضيع تربوية
الأخت السالزيانية لينا أبو نعوم
للشبيبة
أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم. (1 كو 3/16)
موضوع الأخلاق المسيحية واسع ومتفرع جداً.. وبما أنه لا بدّ لي من اختيار نقطة انطلاق للتحدّث عن الأخلاق “في الشبيبة” و”في الكنيسة”، أفضّل أن نراها من زاوية “ضبط النفس”، أي “امتلاك النفس” في جميع تصرفاتنا وتفكيرنا من خلال “تهذيب المشاعر والحواس”.
مرآة ذواتنا التي تعكس صورتنا الأصلية بنقاء ووضوح هي دون شك سيرة حياة وتعاليم ربنا يسوع.
لماذا هذا الاختيار بالتحديد؟
القديس يوحنا بوسكو، أب ومعلم الشبيبة، ومؤسس العائلة السالزيانية في العالم. قد أهدى الكنيسة روحانية خاصة بقداسة الشباب. جعل من القداسة هدفاً قريباً كقرب الله من الإنسان بيسوع المسيح. فعلّم الشبيبة أن تعيش باستمرار بحضور الله وأن تقدّس أنفسها في الحياة اليومية. فالقداسة بالنسبة له لا تتمّ في الهرب من العالم، ولا في تجزئة أنفسنا بين “حياة الكنيسة” و”الحياة خارجها”، إنما في أن نعيش في العالم بروح المسيح.
ومن هو المسيح؟ إنه “عمانوئيل” أي “الله معنا”، الذي تأنسنَ: أخذ طبيعتنا البشرية و”صار جسداً”. فقدّسنا وقدّس أجسادنا ونفوسنا.
ما هي الأخلاق المسيحية إذن وما علاقتها “بأجسادنا وحواسنا”؟
سنأخذ عينات صغيرة من “أخلاقيات الجسد ومشاعر الروح” بحسب إنجيلنا المقدس ونحاول أن نفهمها معاً لنحوّلها إلى حياة في حياتنا.
الجسد:
أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم. (1 كو 3/16)
مسيحيتنا ليست سجناً لأجسادنا ولا لنفوسنا:
“لا تفعل كذا..”، “لا تتحرك هكذا”، لا.. لا..
إنما هي تحويل نفوسنا وأجسادنا يوماً بعد يوم إلى “مسكن” يليق بالرب. فنتحرّر من كل عيب ومن كل ما يشوّه صورة الله فينا.. إنّ مسيحيتنا دعوة إلى الحرية من كل عبودية للخطيئة وشهواتها المختلفة.
يسوع نفسه أكل وشرب، عمل ونام، مشى وارتاح، تكلّم وصمت… كان مثلنا.. وما زال يحمل طبيعتنا البشرية.. ويريد أن يقدّس أجسادنا.. فجعل منها “هيكلاً” له..
في المعمودية سكن فينا الروح الذي ينادي فينا “أبّا”، يا أبانا.. وفي كل مناولة يسكن فينا الابن الذي يقرّبنا أكثر وأكثر إلى صورة الخالق..
اليدين:
إن كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك. لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم. (متى 5/30)
يسوع يطلب منا التضحية بما هو “أسهل” فنتبنى الخير ونحارب ميول الشرّ التي قد تجد لها في نفوسنا مكاناً…
“اقطع” و “ألقِ عنك” أي كُن جذرياً في التزامك بالخير حتى لو كلّفك ذلكَ ألماً مريراً…
وفيما هو يكلّمهم… إذا رئيس قد جاء فسجد له قائلا إن ابنتي الآن ماتت. لكن تعال وضع يدك عليها فتحيا. (متى 9/18)
وضع الله في أيدينا القدرة على العمل، على البناء، على تقدمة الخدمات المختلفة، على معانقة الأهل والأصدقاء، على ضمّ الفقير والمحتاج والتعيس.. على إحياء الأمل في النفوس.. فهل سنضمّ أيدينا بقبضة “أنانية”؟ أم سنفتحها لنتقاسم “الخبز اليومي”، خبز الفرح، والسلام والبناء مع من حولنا؟
وإذا إنسان يده يابسة… ثم قال للإنسان مدّ يدك. فمدها. فعادت صحيحة كالأخرى. (متى 12/10، 13)
اشفِ يا رب أيدينا من كل ضعف ويبس واجعلنا نمدّها لمصافحة كل قريب بصدق ومحبة.
الأرجل:
لك أقول قم واحمل سريرك واذهب إلى بيتك. (مر 2/11)
فإن كنت وأنا السيد والمعلّم قد غسلت أرجلكم فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض. (يو 13/14)
وفيما هما يتكلمان ويتحاوران اقترب إليهما يسوع نفسه وكان يمشي معهما. (لو 24/15)
أنا هو نور العالم. من يتبعني لا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة. (يو 8/12)
يسوع يسير معنا حتى اليوم… عبّر عن رأيك في أهمية “السير برفقة يسوع”
الفم:
ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان. بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان. (متى 15/11)
فأخذه من بين الجمع على ناحية ووضع أصابعه في أذنيه وتفل ولمس لسانه… وللوقت انفتحت أذناه وانحل رباط لسانه وتكلّم مستقيماً. (مر 7/33،35)
دعنا نطلب من يسوع أن يحلّ “رباط لساننا”.. فنتكلّم باستقامة.
يا أولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق. (1 يو 3/18)
مرجع مهم: رسالة القديس يعقوب 3/2-12 – اقرأ بصمت نفسك هذا النص وحاول أن تذكر أمام زملائك جملة منه وتعليقك الخاص عليه…
العينين:
سراج الجسد هو العين. إن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً. (متى 6/22)
ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها. (متى 7/3)
فأجاب يسوع وقال له ماذا تريد أن أفعل بك. فقال له الأعمى “يا سيدي أن أبصر”. (مر 10/51)
ليس الأعمى من فقد البصر في عينيه.. فلنتذكّر كيف كان يسوع يوجه لومه للفريسيين قائلاً: “أيها القادة العميان..”
أغمض عينيك.. لاحظ أنّك ما زلتَ ترى.. ماذا ترى؟ كيف؟ لنا عيونٌ داخلية! كيف نستطيع تهذيبها؟
الأذنين:
ثم دعا كل الجمع وقال لهم اسمعوا مني كلكم وافهموا… (مر 7/14)
كرّر يسوع هذه العبارة مراتٍ كثيرة:
“من له اذنان للسمع فليسمع”. (متى 11/15)
وصار صوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب. له اسمعوا. (لو 9/35)
هل فكّرتَ أنك يمكنك أن تحتاج إلى “ديك” يصيح كي يفتح لكَ أذنيك؟
فابتدأ حينئذ يلعن ويحلف إني لا اعرف الرجل. وللوقت صاح الديك. (متى 26/74)
القلب:
طوبى لأنقياء القلب. لأنهم يعاينون الله. (متى 5/8)
الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح. والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر. فانه من فضلة القلب يتكلم الفم. (لو 6/45)
كما ذُكر في المقدمة: إنّ هويتنا المسيحية لا تدفعنا إلى الهرب من العالم كي نعيش فقط في “أجواء الكنيسة” واصفين كل شيء “بالدنيوي” و”بالباطل”.. فالله خلق “كل شيء حسن” كما يذكر لنا سفر التكوين، وقد أحبّ العالم حتى أنه أرسل لنا ابنه الوحيد.. إذن، نحن مدعوون إلى بناء العالم مع المسيح المتجسد.
وفي الوقت نفسه، علينا رمي أقنعتنا المختلفة باختلاف الأمكنة التي نتردّد عليها! فشخصيتنا وأخلاقنا يجب أن تبقى هي هي أينما كنا، مع وجوب احترام آداب السلوك التي تفرضها علينا الأمكنة التي نتواجد فيها..
فعلى ضوء ما ذُكِر مُسبقاً، قم مع زملائك، بوضع جدول ضمن رسم تعبيري توضح فيه أهم قواعد وأخلاقيات الشبيبة الناجحة، وآخر بأهم ما يُطلب منا عند تواجدنا في الكنيسة.
يمكنك الاستعانة بنصوص الإنجيل التالية:
أخلاقي في الكنيسة يو 2/13-22.
أخلاقي في الشبيبة أفسس 4/29-32، أفسس 5/19-20.