القسم
مواضيع تربويّة
مواضيع تربويّة
عن مجلة السالزيان الدورية نقلها للعربية الأب السالزياني بشير سكر
للجميع
” لا يكفي أن يكون الأبناء محبوبين، فالأهمّ هو أن يُحسّوا بأنهم محبوبون”
الطبيب النفساني باولو كريبيت قالها بصراحة: ” وراء آلاف المصابيح التي تضيء أحياء مدننا، تختبئ كائنات وحيدة تعيش في عزلة، كائنات ناقمة، كائنات تشكو من الحرمان العاطفي…” ومارتشيللو برناردي العالم النفساني يصّرح هو الآخر: ” نعيش في عالم يفتقر أكثر فأكثر الى الحب. هذا هو الخطر المحدق بأطفالنا …”
توجيهات إيجابية:
الخطوة الأولى: تشجيع الأبناء بحرارة
ولنبدأ بخطوات صغيرة:
مهما كانت الظروف، فعندما نشجّع الزوج أو الزوجة ونشجّع الأبناء، نتيح لهم فرصة الإحساس بأنهم ممَيّزون.
وفي مجال تشجيع الأبناء علينا أن نقترح عليهم آفاق واقعية. فعندما يواجهون معايير المجتمع المحيط غالبا ً ما يشعرون بالإحباط. فأمام معايير الذكاء والجمال والمال فإن مجتمعاتنا لا ترحم الأجيال الشابة. وإذا انجرفنا مع التيار فنحن التربويين قد نسقط في نفس معايير المجتمع المحيط غير الواقعية والتي يواجهها أبناؤنا يوميا ً…
أما التربية المرتكزة على التشجيع المحفِّز فإنها تساعد الأبناء على الإحساس بأنهم محبوبون ومرحَّب بهم حتى في مناخ عابق بالانضباط…
الأبناء يحتاجون الى من يراهم بنظرات بالغة الإيجابية. فالأبناء الذين يعيشون في محيط غني بالعاطفة والدفء والتشجيع يشعرون بالتفهّم والتقدير ويالتالي سيمتلكون الثقة الكافية للخروج ومواجهة الحياة، إذ يدركون أن الوالدين يثقون بهم ويقدرونهم.
فلنطبّق مبدأ دون بوسكو: ” لا يكفي أن يكون الأبناء محبوبين، فالأهمّ هو أن يُحسّوا بأنهم محبوبون”:
واضح للجميع أن هناك عبارات تصعق القلوب وعبارات تدفئ القلوب، عبارات تحطّم وعبارات تنشّط، عبارات بمثابة طلقات قاتلة وعبارات بمثابة معانقات شافية. أليست ثمة عبارات توازي فيتامينات فعالة ترفع المعنويات، عبارات كالتالية نقولها للأبناء: ” إنك أسطوري!”. “إننا فخورون بك!”. “سعداء لكونك ابننا!”؟ إنها عبارات شافية. حرمان الأبناء من هذه العبارات يعني جفاف منبع حيويتهم. لا نبخل في إهدائهم هذه العبارات المباركة!
“تحجر القلب” يُعالَج بالعِناق:
الأبناء يحتاجون الى عاطفة الوالدين والى التواصل حِسِّيا ً وإياهم. إن لم يحظوا بهذه العاطفة وهم صغار فعندما يكبرون سيبحثون عنها في مواقع أخرى ولدى أشخاص قد يستغلونهم؛ التواصل الحسي بركة.
الكاتب بييرو باليسترو أثبت في كتاب عنوانه: “المعالجة عبر العناق” أن التواصل عبر العناق ذو مفاعيل جبارة: فهو يساعد على النمو ويقي من الأمراض ويحسّن المزاج ويضبط وظائف القلب.
من المؤكّد أن خمس ثوان من العناق تثمر فائدة صحية أكثر من حديث قد يستغرق ساعة كاملة. فبالعناق نبث ألف رسالة إيجابية في نفسية الأبناء، وكأننا نقول لأحدهم: ” نحن نحبك. نحن سعداء لوجودك معنا! أنت أغلى ما لدينا (…)
بعض علماء النفس يصرّحون بأن التواصل الحسّي بين الطفل والأم هو ذو تأثير علاجي فهو يساهم في النمو، والعناق يؤمّن ثقة الطفل الأوّلية في ذاته والتي هي الركن الأساسي الذي ترتكز عليه الشخصية السليمة على حدّ قول الطبيب النفسي إيريك أيريكسن.
الطفل الذي حُرِم من العناق، قد يتحوّل غالباً الى رجل قلق ومتردد وغير قادر على التمتّع بالاستقرار النفسي. (…)
وأخيرا ً فتحجر القلب يُعالَج بإهداء مبادرات لطيفة:
(…)
إهداء مبادرات لطيفة يعتبر نقيض قسوة القلب: إنه مرافقة الطفل الى السرير بدلاً من أمره بالذهاب للرقاد، إنه إسعاده بمفاجأة، إنه إعداد وجبة الطعام التي يشتهيها بشدة، إنه حضور حفل تخرجه آخر العام الدراسي حتى لو كلفنا ذلك التخلي عن ارتباط وظيفي مهمّ.
كونوا على يقين من أن ابنكم أو ابنتكم سيتذكر كل حياته أنكم فضّلتموه على اهتماماتكم!
سيتذكر مدى الحياة أنه عاش مع والدَين كانا يدفئان البيت بدرجة عالية من الحرارة العاطفية حتى عند انقطاع التدفئة المركزية.