معاً نحو العائلـة المقدسـة
طفلين في المذود
طفلين في المذود
مواضيع في التعليم المسيحي
سالزيان الشرق الأوسط
للجميع
المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة
كان مارك وزوجته، مرسلين مسيحيين، يعملان في ميتم للأطفال، في إحدى قرى روسيا، في سنة 1994، وبالتحديد في شهر كانون الأول. ذات يوم، دعتهما إدارة الميتم كي يخبرا الأطفال، عن قصة الميلاد.
كان ذلك الميتم، يحوي العديد من الأولاد، الذين عانوا من الإهمال، والاعتداء، والعنف منذ سنين مبكرة في حياتهم. استمع الأولاد، بكل انتباه، إلى مارك وزوجته وهما يخبرانهم قصة الميلاد. كان الجميع ساكتاً بينما مارك يخبرهم عن العذراء مريم ويوسف، كيف لم يجدا منزلا لتلد فيه مريم طفلها يسوع. وكيف ولدته وقمطته وأضجعته في مذود بسيط.
حينما أنهى مارك قصته، وزّع على الأولاد، قطعاً من الكرتون، والورق والقماش والقش وطلب من كل منهم، أن يصنع مذوداً بسيطاً، وطفلاً من القماش، ليضعه في المذود فوق القش، ثم يغطي المذود بقطعة قماش.
انهمك الأولاد بالعمل بكل فرح. بعد دقائق، أخذ مارك يطوف بين الأولاد، ليرى ما صنعوا، وإن كان أحدهم بحاجة إلى مساعدة. كان كل شيء على ما يرام، إلى أن وصل مارك إلى جانب ولد صغير اسمه “ميشا”. كان ميشا قد صنع مذوداً بسيطاً ووضع فيه القش، لكن استغرب مارك، عندما رأى طفلين في المذود. ظن مارك أن ميشا لم يفهم القصة جيداً، فانحنى بجانبه وطلب منه، أن يعيد عليه قصة ميلاد يسوع. روى ميشا القصة بكل دقة، إلى أن وصل إلى الجزء حين وضعت مريم الطفل يسوع في المذود.
حينها، أكمل ميشا القصة قائلاً: وعندما وضعت مريم، الطفل في المذود، نظر إلى يسوع وسألني إن كان لدي مكان لأسكن فيه. أجبته أنه ليس لي أب أو أم، لذلك ليس لي مكان لأسكن فيه. حينئذ قال لي يسوع، يمكنك أن تمكث معي. لكنني أجبته، إني لا أستطيع أن أقبل دعوته، إذ ليست لي أية هدية، لكي أقدمها له، كما فعل الآخرون. لكن مع ذلك، كنت أرغب من كل قلبي، أن أكون مع يسوع، فأخذت أفكر بما عندي لكي أعطيه. فكرت إنه إذا نمت معه في المذود، ربما أستطيع أن أعطيه بعض الدفء. سألت يسوع: إن منعت عنك البرد وجعلتك تستدفئ، هل يكفي هذا هدية لك؟ أجابني يسوع: إن هذه أعظم هدية أكون قد استلمتها. بعد ذلك، دخلت إلى المذود بجانبه. حينئذ نظر إلي يسوع وقال: تقدر أن تسكن معي، الى الأبد. حين أنهى ميشا قصته، كانت عيناه قد امتلئتا بالدموع. وضع رأسه بين يديه وأخذ يجهش بالبكاء. لقد وجد ذلك الصبي اليتيم من لن يتخلى عنه أو يتركه أو يؤذيه. وجد شخصاً يمكث معه إلى الأبد، وجد الرب يسوع.
يقول الكتاب المقدس: إن أبي وأمي قد تركاني، والرب يضمني. أخي وأختي، إن حياتنا على الأرض لا تخلو من الآلام والأوجاع وخيبة الأمل. قد تتحرق لخيانة أحب الأحباء وتتألم لقسوة أقرب الأقرباء. قد تشعر أنك وحدك. قد تشتاق إلى صدر دافئ حنون تلقي عليه رأسك وتبكي. قد تشتاق إلى ذراعين قويين يحملانك فوق شرور وآلام العالم. قد تشعر أنك وحيداً، ليس لك من يضمك اليه. قد تكون قد فقدت الآمان والثقة بالآخرين. لست وحدك.
قال الرب يسوع: أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف. وهو يقول أيضاً: تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم. وأيضا قال: وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر.
لقد وجد الطفل ميشا يسوع، وهو الآن يتمتع بدفء ومحبة الراعي الصالح ورب الأرباب.
عزيزي، هل وجدت يسوع؟
أسأل نفسك هذه الأسئلة وحاول أن تجاوب عليها بقدر ما ينبع من دخلك:
الراعي الصالح الذي متع ناظريه برؤيته الملائكة ترنم بمجيء السيد المسيح. فحمل أغلى ما لديه وقدمه له.
أو أحد المجوس الذين تبعوا نجم السماء الغريب ليروا أعظم حدث في تاريخ البشرية ويسجدوا لملك الملوك.
أو تختار أن تكون هدية للسيد المسيح في ميلاده تقدم له ذاتك وتكرس حياتك من أجله.
حاول هذا الشهر أن تعيش فرح التهيئة لميلاد المسيح، ولا تجعل يوم ميلاده يمر كأنه يوم عادي في السنة دون أن تشارك الملائكة في السماء الذين رنموا معلنين للبشرية ميلاد المخلص المنتظر قائلين:
“المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة”