لعبةُ الحبار تسّلُّقٌ على الخير لصالح الشر!
شاهدتَّه أم لم تفعل؟!
شاهدتَّه أم لم تفعل؟!
مواضيع تربوية
سالزيان الشرق الأوسط
للجميع
انتبهوا لأطفالكم وأولادكم.. لا تجعلوهم يكفّون عن إزعاجكم بالهروب لمشاهدة محتوى قد يؤثر فيهم سلباً ربما لبقية حياتهم…!
بوكيمون! أبطال الديجيتال.. بيدابول.. وغيرها من مسلسلات الأطفال الكرتونية، التي ظهرت فقاعتُها في السنوات الماضية، وحشدت أعداداً هائلة من المشاهدين الأطفال والمراهقين.
في حين لفّتهم الانتقادات والمقارنات بينهم وبين برامج الأطفال الأقدم والتي انتشرت في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات مثل: (ليدي أوسكار – الفتى النبيل – صاحب الظل الطويل – هايدي – فلونة – بيل وسباستيان…) والتي عَرضت قصصاً إنسانية لشخصيات محببة وقريبة من أعمار مشاهديها الأطفال.
فكانت كفةُ المقارنة غالباً ما ترجح لصالح الأفلام الكرتونية القديمة أكثر من الأفلام الحديثة كالتي تَعرض مغامرات من الخيال العلمي، وتتحدث عن شخصيات ليست ذات طبيعة بشرية، مظهرُها غريب وشكلُها غيرُ معتاد، وتعتمد على الفنتازيا في سير أحداثها..
دعونا نودّع معاً تلك الحقبة من الانتقادات ومن شاشات التلفزة التقليدية التي اعتدنا عليها لسنوات، لنرحب بالغازي الأبرز لهذه الحقبة “نيتفليكس” الشبكة الأميريكية التي تتيح لمشتركيها متابعة عدد لا متناه من الأفلام والمسلسلات.
آخرها! لعبة الحبار أو “Squid Game” المسلسل الذي ضجّت به أحاديث الأطفال والمراهقين في المدارس والكوادر التدريسية، والأهالي في المنزل..
إنه مسلسلٌ بشخصيات حقيقية لكننا نتطرق له اليوم بالمقارنة مع المسلسلات الكرتونية، كونَه كان الأطفال والمراهقون المنجذبين الأكبر لمتابعته والتأثر به!
نعم.. التأثر به..
“أنا لم أشاهده!”
ما هو هذا المسلسل؟ وما هي القصة التي يرويها؟
مسلسل كوري جنوبي، مؤلف من 9 حلقات، تدور أحداثه حول مجموعة من الأشخاص المتسابقين الذين وجدوا في هذا الظرف لسبب أو لآخر، وهم يعانون من ضائقة مادية، تدفعهم للمشاركة في لعبة للحصول على مبلغ كبير من المال حيث يتنافسون حتى الموت! في محاولة منهم للفوز بالجائزة والتي تبلغ قيمتها ما يعادل 38.31 مليون دولار.
تتنوع الشخصيات الموجودة في المسلسل والمشاركة في اللعبة، تختلف طبائعها وسلوكياتها وتختلف الأسباب التي دفعت كل واحد منهم للحصول على مبلغ من المال لينجز فيه مهمة ما كان قد أجّلها بسبب الضائقة المادية التي كان يعيشها.
“ما المغزى من المسلسل؟ هل يحملُ فعلاً رسالةً إنسانيةً كما رُوّج له؟”
يَعرض المسلسل قيماً كثيرة الخيّرة منها والشريرة!
الخيانة، الأنانية، الوصولية والانتهازية، التضحية، الصداقة، الحنكة والبديهة الحاضرة…
“إذاً حالُه كحال أي مسلسل آخر.. فما الذي أثار الجدل فيه؟!”
يعرض المسلسل المنافسة بين اللاعبين بأسلوب دمويّ عنيف، يشجّع المشاهد (خاصة إذا كان بعمرٍ حساس كالأطفال والمراهقين) على استخدامها وتطبيقها بين بعضهم البعض، بالإضافة لاحتوائه على إيحاءات جنسية منها الظاهر ومنها المبطّن والتي تغزو العقل الباطن للطفل أو المراهق دونما سابق إنذار، فتزرع بداخله نزعات عنيفة يصعب السيطرة عليها فيما بعد، خاصة إذا كان تأثر الطفل بها كبير.
لا سيّما بعد ورود تقارير تفيد بأن الأطفال والشباب يقلدون الألعاب والعنف من المسلسل، في باحات مدارسهم ومراكزهم وبيوتهم وفي الشارع حتى.
فكرة أخرى!
ليس المسلسل الوحيد بالطبع لكنه الأبرز، الذي عرض فكرة المنافسة للحصول على المال مقابل الموت للطرف الآخر بغضّ النظر عن جهده المبذول أو أهليته للمشاركة في اللعبة.
فتظهر الشخصيات بحلقة مفرغة من الأحداث التي تسيّرهم للوصول إلى الجائزة، مضطرين في بعض المنعطفات لأن يدوسوا على الآخر سعياً للجائزة!
القيمة الشريرة! التي تُطغي غريزة التملك والأنانية والضعف البشري، على القيم الخيّرة الأخرى كالإيثار، الحب، الرحمة، الشراكة، روح الجماعة وغيرها…!
“هل تنصحني بمتابعة لعبة الحبار؟”
نحن هنا لننشر المعلومات الصحيحة والموضوعية بعيداً عن أي تسويق إعلاني كاذب، فنيتفليكس ليست بحاجة لأن نسوق لها وقد بلغ عدد متابعي “لعبة الحبار” عبر منصتها أكثر من 111 مليون مشاهدة لأول مرة في تاريخها!
ولكن! نحن هنا أيضاً لنقول لكم.. أن عالمنا مليءٌ بالعنف والقتل والدم والمنافسات الجشعة والحروب الطويلة النفسية منها والعسكرية..
وخاصة في بلداننا المتألمة في الشرق الأوسط.. فالسؤال هنا:
هل أنا بحاجة لمتابعة هذا المحتوى العنيف أصلاً؟
ويبقى الجواب لدى من وصل إلى نهاية هذا المقال…!
أعزاءنا الشباب!
ليس الهدف من هذه الإضاءات نهيَكم عن كل ما يجلب لكم المتعة والترفيه والتسلية أبداً، فكلنا يحب مشاهدة الأفلام والمسلسلات ولدينا أصناف مفضلة منها أيضاً، وهذا ليس خطأ بحدّ ذاته.. لكن الفكرة فقط تكمن في انتقاء ما يرفّهنا ولا يؤذينا في الوقت ذاته…!
انتبهوا لأطفالكم وأولادكم.. لا تجعلوهم يكفّون عن إزعاجكم بالهروب لمشاهدة محتوى قد يؤثر فيهم سلباً ربما لبقية حياتهم…!
انتقوا لهم.. وعلموهم أن ينتقوا.. وسوف ترونهم في المستقبل يبتعدون هم بقرارة أنفسهم عما يؤذي أفكارهم ويسمم نفوسهم وعقولهم وربما أجسادهم…!
على الهامش..
مقترح لفيلم ذو صلة بالموضوع:
فيلم يشجّع على مفهوم التضامن بين البشر وتقريب وجهات النظر بعيداً عن المنافسات غير الشريفة أو الاقتتال الدموي.
Invictus – 2009