كيف نعيش زمن المجيء؟
الاستعداد لاستقبال ملك المجد
الاستعداد لاستقبال ملك المجد
مواضيع في التعليم المسيحي
سالزيان الشرق الأوسط
الجميع
تُقسم السنة الليتورجية إلى عدة أزمنة وهي: زمن المجيء يليه الزمن الميلادي، فالزمن الأربعيني، فالزمن الفصحى وأخيرا الزمن العادي.
من خلال هذه الأزمنة نلمس حضور يسوع المسيح الدائم بيننا ونتذكر الأحداث التي عاشها على الأرض مدة نحو ثلاث وثلاثين سنة أي: التجسد، الميلاد، العماد، التبشير بملكوت الله، الآلام والموت والقيامة وعودته في آخر الزمان.
ما هو زمن المجيء؟
هوالزمن الذي تُفتتح به السنة الليتورجية الغاية منه هو تحضير المؤمنين ليتورجياً لمدة أربع آحاد لمجيء الرب، والاستعداد لميلاد المسيح بالجسد.
وقد ظهر زمن المجيء للمرة الأولى في القرن الرابع في اسبانيا وفرنسا، أما في روما فقد ظهر في النصف الثاني من القرن السادس، وفي حوالي سنة ألف للميلاد دخلت الطقوس الجديدة إلى روما.
كيف لنا أن نعيش زمن المجيء، ونستعد لميلاد المسيح، ونتفاعل مع هذا الحدث العظيم؟
إن هذا الزمن يدعونا إلى السهر والصلاة، والتأمل بمجيء المسيح حاملاً معه الحب والحنان والنور والرحمة والحياة، كما يدعونا للتأمل بكيفية استقبال المسيح في قلوبنا، وامتلاكه في حياتنا حيث لديه الرحمة والخلاص، وهذا يحتّم علينا أن نخلع عنا أعمال الظلام، ونلبس سلاح النور ونسير سيرة كريمة خالية من الفاحشة والفجور والخصام والحسد وغيره كما يقول القديس بولس.
إن زمن المجيء يحتّم علينا أيضا أن نكون ساهرين متيقظين، وحذرين مستعدين، ومستشعرين عودة ربنا يسوع مسارعين إلى التوبة وعمل البر، وعيش حياة المصالحة ومحبة القريب وعندها تسمو نفوسنا إلى الأعالي وندخل في علاقة حميمة مع الرب فلا نخزى، ولا يشمتن بنا الأعداء، فنسلك في نور الرب، فيجود علينا بخيره وبركاته، وتجود علينا الأرض بالثمار الوافرة.
للتفكير والتأمل:
-هل سنعيش زمن المجيء بكل أبعاده، فنعدّ طريق الرب ونجعل سبله قويمة؟-هل سنعمل بما أتتنا به الكتب من الصبر والعزاء واتفاق الأراء، وتقبّل بعضنا البعض كما يشاء المسيح؟
-هل سننأى جانباً في هذا الزمن على الأقل عن شؤون الدنيا، ونحوّل مسيرتنا إلى لقاء الرب الاّتي مخلصنا ومخلّص الأمم، ونسمع جلال صوته فتفرح قلوبنا؟
-هل ننهض ونقف في الأعالي منتظرين المسرّة الوافدة علينا من عند الرب إلهنا؟
-هل نلبّي دعوة يوحنا المعمدان ونتوب ونتجدد استعداداً لقبول المسيح ملك الرحمة والحب والحياة؟
إننا نتطلع في زمن المجيء إلى مولدك أيها الربّ يسوع، لنفرح بك دائماً كما تفرح البرية والقفر وتبتهج البادية وتزهر كالورد، وسيكون فرحنا أبدياً وسرورنا دائماً بتجسد يسوع الاّتي لخلاصنا، فتعال أيها الرب يسوع واملك من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي المعمور، وأرنا رحمتك وهب لنا خلاصك، فإن مجيئك يعني إنصاف المظلومين، وإطعام الجائعين، وإخلاء سبيل المعتقلين، وفتح عيون المكفوفين، وتقوّيم المنحنين، وحفظ الغريب، وتأييد الأرملة واليتيم وإنقاذ المسكين المستجير والبائس الذي ليس له نصير والاشفاق على الكسير والفقير.
سنصبر إلى يوم مجيئك يا رب كما يصبر الحارث منتظراً غلّة أرضه الثمينة، ولا يتذمّر بعضنا على بعض لئلا نُدان مقتدين بالأنبياء الذين تكلموا باسم الرب في جلدهم وصبرهم، ولن تفزع قلوبنا، ولن نخف، لأنك آتٍ لخلاصنا وتحريرنا من قيود ذنوبنا، وستنير أبصارنا وتزيل من قلوبنا الحيرة والاضطراب، وننال منك البركات والصلاح وفيض النعمة والخلاص.
اقطري أيتها السموات من فوق، ولتمطر الغيوم الصديق، لتنفتح الأرض ولتثمر الخلاص، فسيأتي الربّ ملك المجد، فإن العذراء ستحمل فتلد ابناً يسمونه عمانوئيل أي الله معنا، فلمّا جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه، وقد وُلد من امرأة وكان خاضعاً للشريعة، ليحرر بالفداء أولئك الخاضعين للشريعة، فننال جميعاً مقام أبناء الله، فلم نعد عبيداً بعد، بل أبناء ووارثين أيضاً، وعليه فلندخل الزمن الأول من أزمنة هذه السنة بكامل الحذر والسهر والصلاة والتوبة والرجاء، متحدين روحياً مع مريم العذراء سيدة المجيء، واضعين أيدينا بيديها المباركتين لندخل بفرح في هذا الزمن الجديد من النعمة التي يمنحها الله لكنيسته ولخير البشرية جمعاء، وخاضعين لعمل الروح القدس، لكي يقدسنا إله السلام كلياً، وتصبح الكنيسة علامة وأداة رجاء لجميع البشر.
وأخيرا لنشهد للمسيح، فنخسر حياتنا لنجدها، ونغفر بدل ان ننتقم، ونحب الذين لا يحبوننا، ونخدم ولا نتسلط، ولا ندين الآخرين، ونجد السعادة حتى في فقرنا وآلامنا، ونعرف أن من اتضع ارتفع، فإذا فعلنا ذلك نكون قد استقبلنا زمن المجيء وسيد المجيء كما ينبغي الاستقبال، وبذلك نلبي دعوة يسوع للملكوت.