رتبة درب الصليب
بصوت المسيح وصوت الإنسان
بصوت المسيح وصوت الإنسان
رتب وصلوات
سالزيان الشرق الأوسط
للجميع
مقدمة:
قال يسوع: أنا الطريق والحق والحياة
وهذا الطريق لا يمكن إلا أن يمر بدرب الجلجلة، فهيا بنا نتبع فادينا بخشوع وصلاة ونرافقه في درب صليبه لكي يرافقنا هو في جهادنا، نموت معه عن الخطيئة لنشاركه في مجده، ونحيا معه قي القيامة.
كانت الأم الكئيبة وابنُها عالٍ صليبَهْ
قربَهُ تُبدي النحيبْ
أيتها الأُمُّ القديسة اجعلي جروحاتْ وحيدِكْ
في قلبي منطبعة
حُكم عليَّ بالموت، لأن البشر خانوا الحب، والخيانة توصل للموت. ساقوني كشاة الى الذبح، فصارت الجريمة تقدمة، وبالحكم عليَّ سقط الحُكم عن جميع البشر.
يا يسوع، إني أحكم عليك بالموت قيَّ عندما أرفض صداقتك، وأفضل اللذة على الفضيلة، أما أنت الآن فاحكم بالموت على كل ما يبعدني عنك. أنت صديقي ومليكي وإلهي.
جازَ ذاكَ السيفُ مُراً نفسَهَا المُضناتَ عُسْراً
من لظى همٍّ مُذيبْ
من الممكن أن يحمل كلٌ منكم صليبه، لكن من سيتألّم به مثلما تألمتُ أنا؟ وحتى وإن حملتم جميعا ًصلبانكم الخاصة، فأنا الإله الحنون أحمل بكل حب صلبانكم مجتمعة.
علمني يا رب ألا أتردد في حمل الصليب، فمن يحبك لا بد أن يحب الصليب، لأن الصليب جزء منك لا ينفصل. إن صليبي وُلِدَ معي ليعطيني الفرصة أن أتشبه بك متألماً، فأعطني أن أحمله بفرح وشجاعة ومحبة، لأن النعم التي ستفيض عنه لا تحصى.
يا لأحزانٍ جَسيمة ولأشجانً أليمة
كابدَتْ أمُّ الحبيبْ
انحنيت وسقطت على الأرض أنا الذي تنحني له كل ركبة في السماء وعلى الأرض، رزحت تحت وطأة خطاياك بكل تواضع لكي أرفع شأنك. فهلا وضعت يدك بيدي لنتقدم معاً نحو الجلجلة.
كم من مرة يا يسوع سقطت تحت ثقل صليب خطاياي ومغريات العصر وتجارب الشر، فيا من أحببتني حباً لا متناهياً، إني أضع يدي الضعيفة بيدك القوية مستعيناً بك في درب جهادي.
نابَها فرطُ اكتئابِ إذ رأتْ في ذا العذابِ ابنَها
المُضنى الكئيبْ
على درب الجلجلة كنت مشوهاً، لم يكن لي مظهر إنسان، رأتني أمي فعرفتني، قاسمتني آلامي ثمرة خطاياكم، ولم تسامحكم فقط على ما فعلتم بابنها بل تحبكم أكثر مما تحبكم أمهاتكم. أمي ترعاكم، تسهر عليكم، تحميكم، وتشفع فيكم حتى آخر لحظة من حياتكم.
عندما تنهار عزيمتنا ويخوننا البشر ويبتعدوا عنا، فمريم هي ملجأنا، هي التي تبقى بقربنا، هي الأمينة بالعمل لا بالقول، هي التي تحب بقدر ما تصمت، هي الإخلاص حتى النهاية.
أيُ مرءٍ ليسَ ينحَبْ ناظراً أُمّاً تُعذًبْ
وحَشاها في لهيبْ؟
مغبوط أنت يا سمعان لأنك حملت صليبي وسرت خلفي تتأمل جراحي. ولكن صليبي لا يزال يقدم للبشر كل يوم من خلال حاجات الفقراء واليائسين والمتألمين والمتروكين…
يا يسوع، إنك تعلمني أن الخلاص لا يتم بدون مشاركة البشرية، وإن عمل الله يتوقف على حرية ومساهمة الإنسان، فهبني أن أكفر بنفسي وأعطني الجرأة لكي أحمل الصليب وأسير وراءك.
كيف لا يلتاعُ خاطِرْ مَنْ يرى أُمَّاً تُشاطرْ
ابنَها الرُزءَ المُهيبْ
عند الآلام والموت أنكرني بطرس وأسلمني يهوذا، أين أنت يا يوحنا، أين أنتم يا جميع أحبائي؟ أصبحت مدعاة للسخرية، منبوذاً ووحيداً. ولكن هي فقط من اقتربت وكشفت نفسها وكشفت حبها، اعترفت بي أمام كل الناس، وهي تعلم أنني ان استحي بها امام الآب.
يا رب، إن فيرونيكا هي الوجه الصادق والقلب النيّر التواق، والأيقونة الحقيقية التي تحمل وجهك القدوس الى الأبد، “فطوبى لأطهار القلوب لأنهم يشاهدون الله”.
قد رأتهُ عن خطايا شَعبهِ وسْطَ البلايا
وافيَ العدلِ الرهيبْ
ليس ثقل الصليب ما أضاع توازني ولا ضعفي هو الذي أوقعني بل ضباب الظلم. لكني لن أستعين بقواي الإلهية للتهرب من الألم، بل إني أريد أن أشرب الكأس حتى أخر قطرة متمماً إرادة أبي.
كثيرا يا رب ما أيأس من الكفاح وأظن أن العودة إليك مستحيلة لكن قوتي هي إرادتك حتى وإن لم أراها أو ألمسها. حبك في سقوطي يقوي ضعفي ويشدد عزيمتي فأعطني الحب لكي أنهض دوماً.
شاهدَتْ تلكَ الحزينة بكرَها يلقى مَنونَهْ
وهوَ منهوكٌ كئيبْ
اجتمعت النسوة في الشوارع لرؤية موكب الموت ولم يدرين انه موكب الحياة. وتردد قي آذاني صياح النسوة ونواحهن، يتحسرن عليَّ أنا الذي أسير نحو تحقيق مشيئة الله. لا، لا تبكوا غليَّ بل على أنفسكم لأن من يستحق الرثاء والبكاء هو الذي يحجم عن تتميم مشيئة الآب.
أعطني يا رب ألا أقف عند عبادة المشاعر المؤقتة المتقلبة بل هبني حياة التوبة الصادقة، فليس من يقول يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل من يعمل مشيئة الله.
أُمِّ ينبوعَ المَوَدّة أشعري قلبي بشدّة
حُزنِكِ أَبكي الصليبْ.
إن ثقل الصليب مؤلم وكلما اقتربت من الجلجلة تثاقل حملي. تعثرت رجلاي فوقعت منهكاً. في تلك اللحظة نظرت الى أعلى، فكرت فيك، أنت بالذات، فكرت في خلاصك وخلاص البشرية فعاودتني قواي.
ويلي، إن خالق المسكونة يعاني آلاماً وأوجاعاً مريعة لأجل خلاصنا. فيا رب أعطنا أن نعي عدمنا وضعفنا، واجعلنا ننظر إليك دوماً، ومن سقوطنا علمنا كيف نقوم من وهدة الخطيئة.
أضرمي نارَ الوَدادِ لإلهي في فؤادي
فالرضى منهُ أصيبْ.
عريان أمام الناس بلا خجل. أجمل وأبهى من زنابق الحقل ونقي كطهارة القربان الأقدس. لم يبق لديَّ شيء من صنع الإنسان، ولا شيء معي من متاع الدنيا.. هذا الشيء الزهيد الذي بقي لي تركته لكم.. عرياناً خرجت من بطن أمي.. وعرياناً أعود.
ربي، لقد أخذت ما لدينا فتعريت وأعطيتنا الذي لك فكسوتنا. فإلى متى يا رب سنظل في عرينا وقد رفعته عنا عندما تعريت على الصليب. أعطني يا رب أن أكتسي منك متذكراً القول: “ألبسوا الرب يسوع”.
اطبعي يا أمَّ ربي رسمَ أجراحٍ بقلبي
ذاقَها الفادي العجيبْ.
ثبتني على الصليب حبكم فما الذي سيثبتكم في قلبي؟ إن المسامير تنفذ الى جسمي فتتساقط دمائي الزكية لتصنع عهداً جديداً بيني وبينكم، إنه خمر قانا الجديدة، فمن جنبي ومن يدي المفتوحتين ستولد الكنيسة وستولدون جميعاً لحياة السماء.
لقد اشتريتني يا رب بدمك الثمين فما عدت ملكاً لذاتي، بل ملكاً لك يا مخلصي، فأيُ قوة تستطيع من بعد أن تفصلني عنك؟ أعطيك حياتي، قلبي، قوتي، مواهبي، فهذه كلها مُلكُ لك.
اشركيني في تعَنّي بِكرِكِ المجروحِ عنّي
حاملِ الضَّيمِ العصيبْ.
ليس لأحد حبٌ أعظم من حب من يبذل نفسه في سبيل أحبائه. إن نقطة ضعفي هي الإنسان، وسبب هذا الضعف هو المحبة. أحببتكم فبذلت نفسي من أجلكم حتى الموت على الصليب.
أريد يا رب أن أختفي في جراحك وأستقي من دمك. فعلمني، علمني أن أحبك أكثر من نفسي، علمني أن أحبك فوق كل شيء، علمني أن أحبك حتى الموت.
اجعليني معكِ أُفجَعْ ومع المصلوبِ أوجَعْ
فبذا عَيشي يَطيبْ.
ولدتني أمي بلا ألم، ولكنها تعاني الآن أوجاعاً لا تطاق. ولكنها تشاركني تقدمة ذاتي فتذكروا دوماً أن لكم أماً في السماء، وهبتها لكم حين وهبتها ليوحنا على الصليب.
إن عذابين فادحين للغاية قد اتفقا لفدائي وهما ذبيحة جسدية في الابن وذبيحة روحية في الأم. فالعذراء تكاد تموت من شدة التوجع ومع ذلك نراها تقدم ابنها بكل حب تصبح شريكة بالفداء. فيا رحمة يسوع مخلصي ويا أيتها العذراء أم الأحزان، إنني أسجد واخشع لعملكما الخلاصي.
ليتَ لي معكِ نصيباً في الأسى أقضي نَحيباً
واقفاً جَنْبَ الصليبْ.
أتعرف أين هو قبري؟ إنه في مكان ما على الأرض، ولكنه أيضاً فيك، هو قلبك عندما لا أحيا فيه، عندما لا أكون محرك حياتك وأعمالك وغايتها. أريد أن أحيا فيك، أريد أن أقوم منتصراً فيك على الخطيئة، أريد أن أقدس حياتك. فهيا دحرج الحجر عن قبري، هيا ننتصر معاً.
تعال يا يسوع وادخل حياتي وتصرف بي وسيِّر اعمالي ففيك حياتي وكياني ووجودي.
عندَ موتي يا حبيبة نَوِّلي نفسي الكئيبة
مَجْدَ فِردَوسٍ خَصيبْ.
لنصل: اللهم يامن شاءَ تقديس راية الصليب المحيي بالدَّمِ الكريم لابنهِ الوحيد، إنَّا نسألُكَ أن تجعلَ الفرحين لِشَرَفِ الصليبِ عينهِ من الفائزينَ بحمايتكَ في كل مكان. بربنا نفسهِ يسوعَ المسيح. أمين
صلاة أبانا والسلام والمجد. أمين
البركة: نعمةُ ربنا يسوع المسيح تكونُ معكم على الدوام وذِكرُ آلامهِ المقدسة وقوتها تَستقرُّ في قلوبكم، ورسمُ صليبهِ الطاهرِ يُنَجيكم من جميعِ أعدائكم باسم الآب والابن والروح القدس. أمين