مدخل
كان الإنجيل ، في كل زمان ومكان ، منبع إلهام للكُّتاب والشعراء والروائيين والرسامين والمخرجين والمسرحيين والنحاتين وغيرهم . ولم يكن هؤلاء مجرد مصورين محايدين لما ورد في الإنجيل ، بل كانت الصفحات الإنجيلية مرآة رأوا فيها أنفسهم كما رأوا صورة الإنسان وسط أمواج الحياة وتقلباتها . وفي كل مرة ، يكتشفون في النص جوانب خفية على القارئ العادي ، تساعده على الدخول في أعماق هذه اللوحات الإنجيلية الخالدة . وهذا ما يحملنا على القول إن كل هذه المنتجات الفنية هي ” إنجيل خامس ” ، لا بمعنی أنها تحل محل الأناجيل الأربعة ، بل بمعنى أنها تنهل غني هذا الكنز ، وتستخرج منه ” جددا وتقا ” ، في ضوء خبرات الفنان الروحية والإنسانية والاجتماعية ، فتنجلي لنا المعاني اللامتناهية للنص الانجيلي .
إن لوحة ” الابن الضال ” ، للرسام الهولندي رمبرندت ، واحدة من هذه اللوحات ، التي لا تتركك محايدا . في سنة يوبيل الرحمة ، نقدم لقرائنا هذا التأمل الذي يتحفنا به الأب بيير جورجو جانتسا حول هذه اللوحة الخالدة . ونرجو لمن يتابع من هذا التأمل ، وينتقل بين ما يقرأ وما يرى ، أن تولد فيه الرغبة في أن يقوم هو نفسه أيضا بمسيرة رحمة برفقة هذه اللوحة ، في عالم اصبحت القسوة إحدى سماته ، فيكون بدوره أيقونة رحمة في بيئته ومجتمعه .
الناشر