الصوم
ماهو؟ كيف أعيشه؟
ماهو؟ كيف أعيشه؟
مواضيع في التعليم المسيحي
سالزيان الشرق الأوسط
للجميع
مقدمة: ” أنا الطريق والحقّ والحياة” هكذا أجاب يسوع على توما عندما قال له:” يا رب إننا لا نعرف الى أين نذهب فكيف نعرف الطريق؟”(يوحنا14ـ5)
القليل من الناس من ” يعرف الى أين يذهب” وكيف يسير.
أما الرب فلا يكتفي بأن يدلّنا على الطريق بل هو طريقنا.
” يسمينا بأسمائنا ويسير أمامنا ونحن نتبعه إن عرفنا صوته (يوحنا 10/3-4)
يسوع ينادينا كلّ يوم ولكن نداءه يزداد إلحاحاً في زمن الصوم كونه زمن النِعَم الكثيرة وزمن الصلاة والمسير مع الرب يسوع عن قُرب أكثر
1- مسيرة صلاة وإصغاء:
أفتح الإنجيل فأرى يسوع. ” طوبى للأعين التي تبصر ما تبصرون” لوقا10/23
يسوع يصلّي: وحده، مع تلاميذه، مع الجمهور، في القفر، في المجمع، في الهيكل، في أمكنة مختلفة.
يسوع يبحث عن الإنسان ليخلّصه: يعامله برفق، بمحبة عظيمة، يلمسه، يضع يده عليه، يمسكه، يفتح عينيه وأذنيه، يبرئه من الخطيئة والشلل والبرص ويقيمه من الموت.
أفتح الإنجيل فأسمع يسوع: كلمته تُلقى فينا كبذار الزارع في الأرض.
” طوبى لآذانكم لأنها تسمع(متى13/16) ” كلامه روح وحياة (يوحنا6/63)
” إلى من نذهب يا رب وكلام الحياة الأبدية عندك” (يوحنا 6/68)
لو تعودتُ في هذا الصوم أن ألاقي يسوع كلّ يوم، من خلال الإنجيل والقداس والقريب، وعاينته وسمعته . فهذه هي أجمل صلاة. إنه ينتظرني، يناديني، فبدونه لا أستطيع شيئاً إنما نعمته تكفيني وقدرته تحلّ في ضعفي.
2- مسيرة توبة:
نتوب ونعود إليه، وقلبه الكبير يغمرنا بحبٍ ليس له من مثيل
” وكان الخطأة يأتون الى يسوع (لوقا15/1)
تسلّق زكا الشجرة ليعاين يسوع وتاب
الخاطئة قصدته، فوجدته، وتحرّرت
“الضائع وُجد، والميت عاش” (لوقا15/24)
“أقوم فأمضي الى ابي”(لوقا 15/18)
أقوم فأمضي الى أبي فيخلق فيّ القلب الجديد، وأبيضّ أكثر من الثلج وأصبح نقيّاً
ربط يسوع بين التوبة الى الله بالتوبة الى القريب
” إن لم تغفروا للناس زلاّتهم لا يغفر لكم أبوكم زلاتكم” (متى6/15)
“اذهب فصالح أخاك ثم عود فقرّب قربانك”(متى 5/24)
أيّ صوم أصوم وأيّ طريق أسلك ما دمتُ مصرّاً على مخاصمة أخي، وما دام في القلب حقد؟
التوبة الى القريب عطف وعطاء
أسمع يسوع ينادي: ” أعطوا تُعطوا، بما تكيلون يُكالُ لكم ” (لوقا6/38)
“لا تكن محبتنا بالكلام أو باللسان بل بالعمل والحق” (1يوحنا3/18)
طريقي الى رحمة الله تمرّ حتماً برحمة القريب (السامري الرحيم، لوقا10/29- 37)
3- مسيرة تواضع:
الصوم ليس انقطاعاً عن الأكل أمام الله والناس كما يفعل الفريسي الذي يذكّر ربّه أنه يصوم في الأسبوع يومين (لوقا18/12) بل هو بالعكس تواضع واسترحام وضبط ميول وتحرّر. هو صرخة من القلب الى القلب، من قلبي الى قلب الله، هو ذلك الحوار الدائم الذي يجعلني في صلة متواصلة مع الرب. أجوّع جسدي لتجوع نفسي الى المسيح. (في القربان، في أخوتي، في القريب…) أخفّف من متعة الطعام لأتمتّع بثمار الروح. وإذ أشعر بالجوع في جسدي أشارك الملايين من البشر الجياع كلّ حياتهم فينمو حسّي بالمسؤولية عن إخوتي.
4- مسيرة تدرّب:
الصوم وسيلة في طريقي إلى الله والى الإنسان، وسيلة لا غاية
الصوم ليس مباراة ولا أرقاماً قياسية أبلغها للتباهي.
الصوم للإنسان وليس الإنسان للصوم، لذلك تكيّفه الكنيسة في خدمة الإنسان حسب الأزمنة وظروف العمل والعيش
صام يسوع قبل أن يبدأ رسالته العلنية. أنا أصوم معه لكي أتدرّب على الحرية، لكي أكون أنا سيّد نفسي وأستطيع أن أشهد ليسوع في حياتي اليومية من خلال تصرفاتي المسيحية المليئة بالمحبة
أفتحُ عينيّ لمعاينة يسوع، وأذنيّ لسماع كلمته، وقلبي لفهمه ومحبته. “فيحيا فيّ” (غلاطية2/20) أي يفكّر هو بعقلي، ويتكلّم بلساني، ويعطي بيديّ… وهكذا أكون أشهد له، لحضوره، لمحبته في حياتي.
5- مسيرة الى القيامة:
مسيرة الصوم تسبق عيد القيامة، هي طريق نسيرها خطوة خطوة مع يسوع، نسلّم له أنفسنا وحياتنا فيعيد جبلتنا الى جمالها الأول، ويلبسنا الإنسان الجديد الذي هو يسوع، ونشعّ نوره بين إخوتنا، فهو الذي قال لنا:
” اذهبوا في الأرض كلّها وأعلنوا البشارة الى الخلق أجمعين” (مرقس16/15)