الانطلاق الصائب
محطة تزوّد للمربين
محطة تزوّد للمربين
مواضيع تربوية
عن مجلة السالزيان الدورية نقلها للعربية الأب السالزياني بشير سكر
للمربين
1- أهمية الذاكرة:
“كل العظماء كانوا هم أيضاً أطفالاَ ذات يوم. لكن القليل منهم يتذكر ذلك”.
إنها عبارة الإهداء الواردة على الصفحة الأولى من الكتاب الشهير “الأمير الصغير” للكاتب الفرنسي أنطوان دي سانت إكزوبيري.
أن نتذكر نحن أيضاَ بأننا كنا أطفالاَ لهو علاج ناجح لإدعاءاتنا في مواجهة أطفالنا.
إنه يعني أن نكون صبورين لا نردع الطفل الذي يحب التوقف ليتذوق طعم الحياة التي مازال يجهلها. لا نفقد أعصابنا حين يتسخ أو حين يقفز في برك المياه المنتشرة في يوم مطير.
هذا يعني أن خلل مجتمعنا ناجم عن هيمنة البالغين ومحورية البالغين. الويل اذاً في يومنا هذا لحديثي الولادة والأطفال: الأرضيات تتّسخ…طفايات السجائر تنكسر…الجدران تتشوّه… لو كان يتوجّب على الطفل أن يتفادى كل “الكوارث” التي قد يسببها لكان عليه أن يولد في صورة “مومياء”!
إنه لعناء كبير للطفل أن ينفذ بجلده من يدَي والدَين أو مربين لا يتذكرون أنهم كانوا يوماً ما أطفالاً.
2- الرخاء:
” يجب ألّا يُحرَم ابني من شيء”…هي أنشودة تتردد على لسان كثير من الأهالي في يومنا. وبالتالي فالمسافة بين الرغبة والتنفيذ تضاءلت شيئاً فشيئاً حتى الانعدام.
لقد اختفى حافز التشوّق الى الفوز والذي كان عنصراً هاماً في نمو الشخصية. الرغبة فقدت محركها الخلّاق. كل شيء أصبح متوفراً. إنسان اليوم يحصل على كل شيء باستثناء المجهود. وحين يُعفى الإنسان من المجهود والكفاح والسعي في سبيل الوصول إلى هدف ما فهو يُعتبر في حكم الميت. الرخاء المفرَط ليس هدفاً لكنه فَخّ.
3- كلمات – لآلئ:
اختتم المفكر الإيطالي الأمريكي “ليو بوسكاليا” كتاباً عنوانه “أبي” ببعض الجمل التي كان يتفوه بها والده، أحياناً على المائدة، أو عفوياً من وقت الى آخر. تلك الجمل شكّلت ما يمكن أن نسميه بوصلة أدبية وجّهت الابن مدى الحياة.
كان الوالد يقول فيما يقول:
كلمات – لآلئ قرعت ودخلت قلب الابن.
كان على حق الشاعر الألماني “ريختر” حين قال: ” الكلمات التي يقولها أب لأبنائه في حميمية البيت قد لا يسمعها أحد في الحال، لكنها ستصل يوماً ما إلى الأجيال اللاحقة…”
4- بثّ تحديات:
” دوك واطسون ” الذي أصبح مايسترو جيتار، كان قد أصيب بالعمى وهو بعد في الثانية من العمر. لكن أهله لم يدعوه أبداً يشعر بأنه معاق. يتذكر فيقول:
” كان إخوتي يصطحبونني إلى خارج الدار لنلعب سوياً: كنت أتسلق الأشجار وأسقط تماماً كالآخرين. أدركت هكذا مفهوم الفراغ ووسيلة العثور على الأشياء، متأثراً بصدى الأصوات”.
كان لوالده أثر بليغ في مساعدته على تنمية الثقة بنفسه.
يتذكر واطسون فيقول: “كنت في الحادية عشرة من العمر، أي في مرحلة تسبق قليلاً دخول الجيتار في حياتي، أعطاني والدي آلة نقر موسيقية صغيرة وقال: “خذ يا بنيَّ، حين ستتعلم العزف جيداً على هذه الآلة فهي ستساعدك على مواجهة العالم.” فبدلاً من أن يهملني في ركن من البيت وكأنه يقول: “يا بنيَّ، إنك مجرد أعمى مسكين…” ألقى إليّ بتحديات!…
كم من الأجنحة تحطمت لأنها لم تصادف مبادرات إيجابية…
إن التربية ليست مجرد أوامر، التربية هي الحث على تحمل المسؤولية وإبداع مشاريع بنّاءة.