مقدمة
إن أماكن التربية الدينية متعددة في الكنيسة ، وأهمها البيت والمدرسة والرعية . وهذا ما يدعوه المخطط الرعوي العام « المثلث التربوي » ، ويضيف : « ما لم تأخذ كل مؤسسة من هذه المؤسسات الثلاث دورها کاملا وبشكل متكامل ومنسّق ، فستظل التربية الدينية تفتقر لإحدى عناصرها الأساسية . وهي تتكامل فيما بينها بحيث أن الواحدة تعطي ما لا تستطيع الأخرى أن تعطيه » . من هذا المنطلق ، ينتقل المخطط الرعوي إلى أحد أضلع هذا المثلث ، وهو البيت المسيحي ، ليصفه على أنه « البيئة الأولى التي تتم فيها التنشئة المسيحية ) . يقول المخطط الرعوي : « هنالك إدراك متزايد لدى المؤمنين للأهمية القصوى التي تضطلع بها الأسرة في التربية الدينية ) . ويتابع القول : والبيت المسيحي في بلادنا لم يأخذ بعد دوره الكامل في هذا المجال ، وعلى الكنيسة القيام بمجهود رعوي خاص لتوعية الأهل على مسؤولياتهم وطريقة القيام بها وتوفير الأدوات الضرورية لها ، بالإضافة إلى العمل الحثيث لتقوية إيمانهم هم أنفسهم في ظل الظروف الحالية » . ( ص ٢٤-٢٥ ) في هذا الإطار ، يأتي هذا الكتيب حول التربية الدينية في البيت المسيحي . فهو يرمي إلى سد ثغرة في هذا المجال ، إذ يقدم للكنيسة بشكل عام ، وللأهل بشكل خصوصي يمكن أن تساعد على « توعية الأهل على مسؤولياتهم وطريق القيام بها » . فهذا الكتيب هو إحدى هذه « الأدوات» ، التي تسعى لهذا الغرض .
نجد في هذا الكتيب أولا رحلة في الكتاب المقدس تبين أهمية التربية الدينية في البيت ، خصوصا من خلال نماذج حية (الفصل الأول والثاني ) ، ومن ثم ينتقل إلى التأمل في بيت العائلة المقدسة في الناصرة ، ليستقي منه أسس هذه التربية المستوحاة من حياة عائلة الناصرة بكل جوانبها ( الفصل الثالث ) . وبعد ذلك ، يتوقف الكتيب عند الأمور العملية ، أي كيفية التربية الدينية في البيت ، وما يرتبط بها من علاقة بالكنيسة و بالمجتمع ( الفصل الرابع ) . وفي الفصل الأخير ، يقدم الكتيب مجموعة من النماذج القديمة والحديثة لعائلات قامت بهذه الرسالة على أحسن وجه . نرجو أن يكون هذا الكتيب عاملا في إشاعة الوعي حول أهمية التربية الدينية في البيت ، كما نرجو أن يكون حافزا للمزيد من الأدوات التي تساعد عائلاتنا المسيحية على إدراك رسالتها ، في الكنيسة والمجتمع .
© الأب بيير جورجو جناتسا
منشورات مكتبة يسوع الملك
بيت ساحور