أومن بالحياة الأبدية (1)
الحياة، الموت، الدينونة
الحياة، الموت، الدينونة
الكتب والمنشورات
الأب بيير جورجو جناتسا السالسي
الجميع
مقدمة
إنك تعيش حياتك ، بما فيها من مشاريع كثيرة . تفكر بحاضرك ومستقبلك بكثير من الأمل . ومما لا شك فيه أنك تساءلت أيضا في بعض الأحيان : ماذا بعد الموت ؟ هل من حياة بعد الموت؟ أي نوع من الحياة؟ أين؟ كيف؟ ماذا تعني الحياة الأبدية » ؟ … أم أن كل ذلك هو مجرد أوهام ؟ أما نحن ، الذين قبلنا نعمة الإيمان ، فإننا ننطلق من حقيقة أكيدة وراسخة ، أكدها يسوع في قوله لمرتا : « أنا القيامة والحياة . من آمن بي ، وإن مات ، فسيحيا » ( یوحنا ۲۰:۱۱ ) .
ومع ذلك ، ففي حياتنا اليومية ، قليلا ما نفكر في الموت وفي الحياة بعد الموت . فنحن نجري وراء شؤون حياتنا اليومية ، مما يحول دون التفكير في الغد ، في الأبدية ، في مصيرنا بعد الموت . عندما نشارك في جناز ما ، قد نفكر : « لقد جاء دوره أو دورها » ، ولكننا لا نواصل التفكير قائلين : « يوما ما ، سيأتي دوري ، أنا أيضا . هل أنا جاهز ؟ هل أستعد لهذا اليوم ؟ » . إننا منشغلون بالتزاماتنا الكثيرة ، وننسى أن التزامنا الأكبر هو الاستعداد لهذا اللقاء بالله ساعة موتنا ، وهو الذي سيقرر دخولنا في الفرح الدائم مع الله أو الابتعاد عنه في الهلاك الأبدي . يذكرنا القديس بولس أن الإنسان ، بعد الموت ، «يحصد ما يزرع . فمن زرع لجسده حصد من الجسد الفساد ، ومن زرع للروح حصد من الروح الحياة الأبدية» (غلاطية ، ٦ : ۷-۸) .
نحن المسيحيين ، نؤمن بالحياة الأبدية ، ونعلن هذه الحقيقة في « قانون الإيمان » ، حيث نقول في خاتمته : « ونترجي قيامة الموت والحياة في الدهر الآتي » . ولقد لخص التقليد المسيحي رؤيته حول هذا الموضوع بكلمة « أواخر الإنسان » ، وتشمل الموت ، والدينونة ، وجهنم ، والسماء . وإلى هذه المفاهيم الأربعة ، يجب أن نضيف أيضا أمرين أساسيين ، هما قيامة الجسد وعودة السيد المسيح ثانية . أما المطهر ، فمع أنه جزء لا ينفصل عن أواخر الإنسان ، فهو مرتبط بالسماء ، بما أنه يشكل مرحلة للتنقية الأخيرة قبل الدخول في السماء .
لقد أعطت الكنيسة أهمية لهذه الحقائق الإيمانية دائما ، سواء في الاحتفالات الليتورجية أو في الكرازة والتعليم المسيحي أو في ممارسة الحياة المسيحية . في التقليد الكاثوليكي اللاتيني ، تخصص السنة الليتورجية يوما خاصا ، هو الثاني من تشرين الثاني ، لذكرى الموتی والصلاة من أجلهم . وفي هذه المناسبة ، تدعو الكنيسة إلى التفكير أيضا في الموت ، وبالتالي في المعنى الذي يضفيه إلى حياتنا ، فنكون مستعدين للقاء الرب ساعة موتنا ، فيكون لقاء حب في رحابه ، لا لقاء دينونة وإدانة . وفي اليوم السابق ، أي الأول من تشرين الثاني ، تذكر الكنيسة جميع القديسين والمخلصين الذين يتمتعون في السماء برؤية الله ، وتدعو المسيحيين المجاهدين على الأرض إلى أن يوجهوا أنظارهم صوب الوطن السماوي : « إسعوا إلى الأمور التي في العلی حيث المسيح قد جلس عن يمين الله . ارغبوا في الأمور التي في العلى ، لا في الأمور التي في الأرض » ( قولسي 3 : ۱-۲ ) . وفيا السنة الليتورجية ، يمكن القول أيضا إن الأيام ، التي تناسب أكثر من غيرها للتأمل في الأواخر ، هي سبت النور وأحد القيامة . ففي سبت النور ، نذكر نزول يسوع إلى مقر الموتی ، ليخلص جميع الذين انتظروا خلاصه ووضعوا رجاءهم فيه . وفي أحد القيامة ، نحتفل بقيامة المسيح من بين الأموات ، كما سبق وقال إن ابن الإنسان « بعد قتله بثلاثة أيام يقوم » ( مرقس ۹ : ٣١).
© الأب بيير جورجو جناتسا
منشورات مكتبة يسوع الملك
بيت ساحور