لماذا نتلو المسبحة الوردية؟
وعـود العذراء مريم لمن يتلوها
وعـود العذراء مريم لمن يتلوها
مواضيع مريمية
الشماس نبيل حليم يعقوب
للجميع
فتزداد بالتدريج معرفتنا الكاملة به كقوله: “وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك والذي أرسلته يسوع الـمسيح”(يوحنا3:17)، ولهذا قال بولس الرسول: “أعد كل شيء خسرانا لأجل فضل معرفة المسيح يسوع”(فيليبي8:3).
كما تمكن من قبل القديس عبد الأحد من الانتصار على بدعة “الألبيجازين” لأنه كما يقول القديس بولس الرسول: “فإن مصارعتنا ليست ضد اللحم والدم بل ضد الرئاسات والسلاطين وولاة هذا العالم عالم الظلمة والأرواح الشريرة في السماويات”(افسس12:6).
فلقد طلب التلاميذ من السيد المسيح أن يعلّـمهم الصلاة(لوقا1:11) فأعطانا صلاة “الأبانا”، وتلقى العديد من القديسين بعض الصلوات الخاصة والتي تعلّموها من القديسة مريم العذراء أو من السيد المسيح نفسه في رؤى ظهرت لهم. والمسبحة الوردية كما تعلّمها القديس عبد الأحد هي من السماء لأنها تتضمن صلوات من الكتاب المقدس (صلاة الأبانا وما جاء على لسان الملاك جبرائيل أو القديسة اليصابات لمريم العذراء)، وكذلك أسرار الوردية كلها تأملات مستقاة من الإنجيل المقدس، فهي لم تأت بتعاليم مختلفة. ولقد خضعت تلك الرؤى والصلوات التي تلقاها القديسين، ومنها صلوات المسبحة، للتدقيق والفحص من الكنيسة لأن الرسول أوصانا قائلاً: “لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله”(1يوحنا1:4) ووافقت عليها لأن ما جاء بها مطابق للتعاليم الإلهية فعملت على نشرها وحث المؤمنين على تلاوتهـا.
فلقد طلبت القديسة مريم العذراء في فاطيما (1917) من الأطفال الثلاثة أن يصلّوا المسبحة كل يوم ليحلّ السلام في العالم. لقد استجابت مريم العذراء للعديد من الصلوات من أجل أن يحلّ السلام على الأرض وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى ولهذا أطلق عليها “ملكة السلام”. ومريم العذراء كملكة تعطي العالم حضوراً لعدل ومحبة ورحمة السيد المسيح. لقد أعطت مريم العالم “رئيس السلام”(اش 6:9) الذي سبّحت له الملائكة “وعلى الأرض السلام” (لو14:2)، فالسلام هو بركة وعطية من السيد المسيح للقلب والنفس وليس كسلام العالم وهو ثمرة للروح القدس (غلاطية22:5)، ويدعى صانعو السلام بأبنـاء الله (متى9:5). ومريم الطاهـرة والممتلئة نِعمة تعطي مكرميها السلام الداخلي الذي تزينت به، وتشترك معهم في الصلاة لابنها يسوع مُعطي السلام “سلامي أعطيكم سلامي أترك لكم”(يوحنا27:14).
فلقد كانت الصلاة التي استُخدمت للحصول على النصر على القوات التركية قرب جزيرة ليبتانيا باليونان (1571) وعلى البشارة في أمريكا اللاتينية (Guadalupe) بالمكسيك (1531)، وعلى الشفاء في لورد بجنوب فرنسا (1858)، وعلى السلام في فاطيـما بالبرتغال (1917)، وعلى التغيير والتحول للمسيحية في مدينة ميدجوري بيوغوسلافيا (1982)، ولهذا فلقد اعتبرت صلاة المسبحة أنها كانت جزء من تجديد وجه الأرض ونشر ملكوت الله.
لقد أعلن قداسة البابا بيوس الثاني عشر (1939-1958):”لا يوجد وسيلة أكيدة للحفاظ على الأسرة إلاّ بطلب أن يحلّ الله فيها…وتلاوة المسبحة الوردية يومياً هي من تلك الوسائل الفعّالـة”.
يدعونا الرسول قائلاً: “مصلّين بكل صلاة وطِلبة في كل وقت في الروح” (افسس18:6). فالأسرة التي تجتمع للصلاة يحضر الرب في وسطها تحقيقاً لوعده القائل: “إذا اجتمع أثنين معاً للصلاة أكون في وسطهم”.
وعود العذراء لكل من يتلو الوردية، وما منحته الكنيسة الكاثوليكية من العديد من الغفرانات لمن يتلو الوردية بخشوع وتقوى.
قلب الإنسان هو المُعبّر عن حالة الإنسان النهائية إن كان صالحاً أو شريراً “فالإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يُخرج الصلاح والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر”(لوقا45:6). لهذا قال الرب: “يا بني أعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي”(أمثال26:23)، وكانت أول وصية للإنسان “تحب الرب إلهك من كل قلبك”(تثنية5:6)، وأيضا كانت إجابة السيد المسيح لأحد علماء الناموس عن أعظم الوصايا في الناموس” أحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل ذهنك. هذه هي الوصية العظمى والأولى”(متى37:22)، وأيضاً يقول الوحي الإلهي: “ويل للقلب المتواني إنه لا يؤمن ولذلك لا حماية له”(يشوع بن سيراخ5:2). فيستحيل أن يتكلم الإنسان دون أن يكشف عن قلبه شاء أو أبَى لأنه مكتوب: “أنه من فضلة القلب يتكلم الفم”(لو45:6). فحب يسوع مطلب حياتي وضروري لهذا قال القديس يوحنا: “لا تحبوا العالم وما في العالم إن كان أحد يحب العالم فليست فيه محبة الآب لأن كل ما في العالم هو شهوة الجسد وشهوة العين وفخر الحياة”(1يوحنا15:2-16).
أصدرت الكنيسة الكاثوليكية بعض القوانين الخاصة بقواعد وسلوكيات الحيـاة المسيحية في القسم الخاص بواجبات الكهنة والرهبان والراهبات والتي تم نشرها في عام 1983 نتيجة أعمال المجمع الفاتيكاني الثاني (1962-1964)، ولقد جاء بها “إن إكرام القديسة مريم العذراء وممارسة صلاة الوردية والمحتوية على التأملات الروحية وغيرهـا من الممارسات التقوية الأخرى كأعمال الرحمة يلزم إتباعها لتقوية روح الصلاة وتثبيت الدعوات للوصول إلـى طريق القداسة..”.
يحصل المؤمن وأسرته على العديد من البركات وعلى ثمر الروح القدس كما جاءت في رسالة القديس بولس: “محبّة فرح سلام طول آناة لُطف صلاح إيمان وداعة تعفف” (غلاطية22:5-23)، وتذخر الكتب بالعديد من المعجزات والآيات التي قد حدثت في كل أنحاء العالم لمن يتلو المسبحة الوردية بإيمان وثقة فكما قيل “من الثمر تُعرف الشجرة” (متى33:12).
إن غرض أي صلاة، وتشمل صلاة الوردية، هو أن يمتد اتصالنا بالله والنمو في معرفته ومحبته. في الصلاة نتكلم مع الله بكلمات بشرية، ولكننا أحياناً ما يعوزنا التعبير عن حبنا لله بكلمات غير بشرية، وصلوات المسبحة الوردية بما تحويه من الصلاة الربيّة والسلام الملائكي والتأملات في أسرارها الإلهية تعطينا طريقة أخرى للتحدث مع الله.
يعلن الوحي على لسان الرسول بولس ” فإن الذين سبق فعَرفَهم سبق فحدّد أن يكونوا مشابهين لصورة ابنه حتى يكون بِكراً ما بين أخوة كثيـرين” (رومية29:8)، فيسوع هو الابن البكر لأخوة كثيرين. مريم هي أم المسيح يسوع بكل أعضاء جسده السري. المسيح هو الرأس ونحن الأعضاء ” كذلك نحن الكثيرون جسد واحد في المسيح يسوع وكل واحد منا عضو للآخرين” (رومية5:12)، ولا يمكن للأعضاء أن تحيا بدون الرأس “أنا الكرمة وأنتم الأغصان” (يوحنا5:15)، فنحن أعضاء في كرمة الرب ” فأنتم جسد المسيح وأعضاء من عضو” (1كورنثوس 27:12). ومريم قد ولدت الجسد كله، فنحن أبناء لمريم وإخوة ليسوع وأعضاء في كرمتـه، وبعد أن كانت مريم أماً للمسيح فقط صارت أماً لكل من يؤمن به ويتبعه، وباتحادنا في جسد المسيح أصبحنا أبناء لمريم وإخوة ليسوع. إذن أمومة مريم لنا أصلها ناشئ من إيماننا بالـمسيح وأخوتنا له ومن أننا أصبحنا أعضاء في جسده. أي كنيسته. ودور الابن نحو أمه هـو الإكرام والحب، وبترديدنا لصلوات السلام الملائكي نشترك مع السماء في تحيتها وتطويبها، وإعلان عن إيماننا بأمومتها الإلهية وشفاعتها.
في ظهورها بفاطيما بالبرتغال (1917) عندما سألوها الأطفال الثلاثة من تكون، على الرغـم من وجود أكثـر من 117 اسم ولقب عُرفت به.
أمثال القديس عبد الأحد، والقديس فرنسوا دي لا سال (1567-1622)، والقديس توما الأكويني (1227-1274)، والقديس لويس دي منفورا (1673-1716) والقديس يحنا بوسكو (1815- 1888). وكذلك مارس تلاوتها ملوك ورؤساء وعظماء عديدين أمثال الملك شارلمان والملك فيليب الثاني والملك لويس العاشر والملك لويس الرابع عشر من ملوك فرنسا، والموسيقار موتزارت وأيضاً الموسيقار هايدن وغيرهم.
ومن أمثال باباوات الكنيسة الكاثوليكية نجد: البابا أدريان السادسPope Adrian VI (1522-1523)، والبابا بولس الخامس Pope Paul V(1605-1621)، والبابا لاون الثالث عشر Pope Leo XIII(1878-1903) الذى أصدر سبعة رسائل عن الورديـة الـمقدسة في الأعوام 1883وحتى 1894، والبابا بيوس الحادي عشرPope Pius XI (1922-1939) في رسالته الصادرة في عام 1937، والبابا بيوس الثاني عشرPope Pius XII (1939-1958) في رسالته الصادرة عام 1951، والبابا يوحنا الثالث والعشرونPope John XXIII (1958-1963) في رسائله الصادرة في عام 1959و 1961، والبابا بولس السادس Pope Paul VI (1963-1978)، والبابا يوحنا بولس الثاني Pope John Paul II (1978-2005 ) وخاصة رسالته البابويـة الحديثة الصادرة في 16 أكتوبر سنة 2002 تحت عنوان”Rosarium Virgins Mariae”.
عندما نقول في السلام الملائكي “صلي من أجلنا نحن الخطأة”، فإنما نصلي من أجل أنفسنا مع صلواتها من أجلنا كما طلب بولس الرسول الصلاة من أجله (1تسالونيكي 20:5)، (أفسس19:6) وكما فعل أبفراس “مجاهد كل حين لأجلكم في الصلوات لكي تثبتوا كاملين، نامين في مشيئة الله كلها” (كولوسي12:4)، “وصلوا بكل صلاة ودعاء كل حين في الروح. من أجل جميع القديسين ومن أجلي”(أفسس 16:3)،”مصلين لأجلكم كل حين” (كولوسي3:1). فمريم تشترك معنا في شركة الصلاة “إذا اجتمع اثنين معاً للصلاة” (متى 19:18) فهي لا تحجب صلاتنا إلى الله او تقف حائلاً بيننا وبينه بل هي تشترك معنا في الصلاة إلى الله. فشفاعة العذراء هي مدخل للمقابلة مع المسيح. فحينما تشفع فينا العذراء من أجل معونة أو شفاء أو توبة، إنما تدخلنا في مجال علاقتها بالمسيح فالعذراء تهبنا كل إمكانياتها الموهوبة لها لنتقدم بها إلى المسيح. فنأخذ من العذراء جرأة طهارتها ودالة أمومتها وحبها الفريد للمسيح فهي كمن يمنح العضو الأقوى في الجسد قوته للعضو الأضعف وهي بعظمة مكانتها ودالتها تستطيع أن تتنازل عن تلك المواهب لنا فترفع الحواجز التي بيننا وبين المسيح فنتقدم إليه بلا عائق ولا حاجز من ضعفنا لنأخذ من المسيح معونة أو طلب او شفاء.
وعـود العذراء مريم لمن يتلو المسبحة الوردية:
تطلب العذراء بإلحاح تلاوة الوردية، وقد ظهر هذا الإلحاح في معظم رسائلها للعالم، وفى مختلف ظهوراتها. وكانت في بعض هذه الظهورات تحمل المسبحة الوردية لتشجعنا على حملها وتلاوتها، خاصة في لورد بفرنسا (1858)، وفاطيما بالبرتغال (1917). وهذه بعض المقتطفات من تلك الرسائل التي طلبت فيها العذراء مريم تلاوة الورديـة:
أمام هذا الإلحاح المتتالي من القديسة مريم العذراء لا نملك إلاّ الطاعة وصلاة الوردية بكل خشوع حتى يمكننا الحصول على الِنعم والبركات التي وعدت بها العذراء كل من يتلو الوردية وهي كالتالي: