الأَلَــــــــــــــم
التربية على تقبّل الألم
التربية على تقبّل الألم
مواضيع تربوية
عن مجلة السالزيان الدورية نقلها للعربية الأب السالزياني بشير سكر
للجميع
قد لا يروقنا المبدأ لكن الألم هو المَعْبَر الأفضل الذي يحوّلنا إلى كائنات إنسانية.
الألم يؤنْسِن الشخصية أكثر من أية تجربة أخرى.
الألم دون شك مزعج، لكن لماذا نتعنّت أحياناً ونعتبره عديم الفائدة؟ …
هناك حكمة قادمة من جزر الرأس الأخضر تقول: ” من خلال الجرح يتدفّق الدم إلى الخارج، ومن خلال الجرح ذاته تتسرب الحكمة إلى الداخل”. مقولة تتضمن ماقلّ ودلّ.
يقول أحد علماء النفس جاك داكوينو: ” يعتبر الألم من كبار المربّين. بعض المكاسب علينا أن نُحَصِّلها عن طريق الألم إذ لا وسيلة أخرى لبلوغها. بضع جرعات من الألم إذاً ضرورية وهذا من أسباب تواجد الألم في العالم.”
صدق الكاتب نيكولو تومّازيو حين قال:” الإنسان الذي لم يختبر الألم يظلّ طفلاً.”
ألم نلاحظ حقيقة ذلك من خلال علاقاتنا الإنسانية؟ من ذاق الألم هو عادة أكثر وداعة، أكثر تفهّماً، أكثر قدرة على الشفقة، أكثر انتباهاً، أكثر إنسانية…
على العكس، من لم يختبر الألم فهو أكثر قسوة، أقلّ اكتراثاً وأقل إنسانية…
ليس المقصود أن نمدح الألم، لسنا ساديين أو عديمي الإنسانية، ولكننا نرى ضرورة التربية على قبول الألم منذ الطفولة كي يتحوّل إلى عامل نموّ. فالتربية إذاً على تقبُّل الألم.
في يومنا هذا تتضاءل باستمرار القدرة على تحمّل الألم. هناك استراتيجيّات عديدة للتربية على تقبّل الألم ومنها خاصّة التدرّب على روح التضحية، وهذا يسري على البالغين وعلى من عُهدوا إلى تربيتنا. فعلى سبيل المثال:
نضيف إليها أيضاً تضحيات أكثر بساطة:
إنها تضحيات قد تثير الضحك، لكنّ هذه الاهتمامات البسيطة الاعتيادية هي التي تُنضِج فينا الإنسان…
هل تعرفون قصة اللؤلؤة؟ اسمعوا حكاية أعجوبة هذه الحجر الكريم:
ذرّة من الرمل تخترق الصَّدَفة (القوقعة) عبر المدخل الحلزوني الضيّق. نسيج الكائن الرخوي الذي يسكن الصَّدفَة تنتابه تشنّجات حين تحتكّ به هذه الذرّة الدخيلة، فتتساقط على ذرّة الرمل ـ التي يصعب التخلّص منها ـ قطرات دقيقة شبيهة بالدموع ماهي إلّا أملاح ثمينة تتركّز معاً لتكوّن في النهاية اللؤلؤة…
من مخاض الصَّدَفة تولَد اللؤلؤة.
ومن الآلام البشرية تولَد الإنسانية الحقّة.