الأخبار السارّة
روايات وحكايا واقعية
روايات وحكايا واقعية
مواضيع تربوية
عن مجلة السالزيان الدورية نقلها للعربية الأب السالزياني بشير سكر
للجميع
نريد أن نعبّر عن اعتراضنا على كثرة ما يُنشَر من أنباء سيئة…كفى تشهيراً بفضائح المشاهير من نجوم العصر عبر الصحف والقنوات بينما نغفل التأمل في نقاء السماء الزرقاء وبهاء الشمس الساطعة.
واقعياً انهيار شجرة شامخة في حديقة ما، يحدث جلبة أقوى ممّا يحدثه النمو الهادئ واليومي الذي يسري في عروق أشجار غابة بكاملها.
نريد أن نبرز غابة الخير المتنامية ونرفض الحديث عن الشجرة المتداعية. فبعد التعرف باللآلئ التي تُضيء حياة الكثيرين ستنطلق حياتنا متحفّزة من جرّاء جمال وبهجة القيم الإنسانية الكامنة في قلوب عديدة.
حكاية واقعية:
” إن لم تسمحي لي بأن أفعل ذلك، لن أستطيع الذهاب الى المدرسة، سأكون في غاية الخجل… إنه أمر هام إلى أبعد حدود يا أمي!”…وانفجرت هيلين بالبكاء وكان هذا سلاحها الوحيد للإقناع.
” ياه! افعلي ما يحلو لكِ ” دمدمت الأم بانفعال وهي تجفف الأواني المغسولة. “سيصبح شكلكِ شنيعاً… هذا شأنكِ “.في 23 أسرة أخرى كان المشهد نفسه يتكرر. إنهم طلبة الثالث الإعدادي الشعبة ب من ذات المدرسة. كانوا قد اتخذوا قراراً هاماً موحَّداً يُنفَّذ في ذلك اليوم. كان عددهم 25. لكن، في الواقع، كان الوضع مختلفاً في الأسرة الخامسة والعشرين فقط. فالتلميذ بْرايان كان في قمة الخجل والانفعال. كان والداه يحاولان تشجيعه. إنها المرة الخامسة عشرة التي يهرع فيها الفتى لينظر إلى نفسه في المرآة.
“سيهزؤون بي، أعرف ذلك – قال – ماريزا مثلاً لا تحتملني وباولو يناديني: “يا قصبة”…إنهم يتربّصون بي.” وراحت الدموع الغزيرة الحارقة تنهمر مجدداً على وجنتيه بينما كان يحاول أن يعدّل القبعة التي كانت واسعة بعض الشيء على رأسه.
حدّق إليه أبوه وخاطبه بلهجة مطَمْئِنة: “تشجّع يا برايان. شعرك سينمو بسرعة. إنك تتجاوب سريعاً والعلاج، وبعد بضعة أشهر ستتعافى بعون الله.”
“نعم، لكن انظر يا أبي” وأشار برايان بإحساس جريح إلى رأسه الذي كان ينعكس على المرآة لامعاً بلونه الوردي… العلاج الفعّال الذي خضع له لسبب الورم الخبيث الذي أصابه قبل شهرين أدّى إلى سقوط كامل شعره.
احتضنته أمه قائلة: “تشجع يا برايان. سيعتادون سريعاً، سترى.”
شهق الفتى بعمق، خبّأ رأسه في القبعة، حمل حقيبته وانطلق.
أمام باب قسمه المدرسي راح قلبه يدقّ كالمطرقة. أغمض عينيه ودخل…
وحين فتح عينيه ليسعَ إلى مكانه رأى مشهداً مثيراً، الجميع، نعم، جميع رفاقه كانوا يضعون قبعات على رؤوسهم! التفتوا نحوه وابتسموا ورفعوا قبعاتهم هاتفين: “الحمد لله على عودتك سالماً يا برايان!”… كانوا جميعاً قد حلقوا شعر رؤوسهم كلّياً، حتى مارينا التي كانت فخورة بجدائلها، وباولو وهيلين وجياني وفرانتشيسكا…كلهم وقفوا وعانقوا برايان الذي لم يعد يدري هل يضحك أم يبكي وهو يردد متلعثماً: “شكراً شكراً!!”
ومن على المكتب كان الأستاذ “دوناتي” يبتسم، إنه لم يحلق شعره لأنه كان أصلعاً أساساً.
وعلى صفحة الجريدة التي تناولت الخبر نُشِرت صورة أم تقصّ شعر ابنها، يحيط بهما الأقارب مؤيّدين، وفي خلفية الصورة زملاء برايان المذهلون وكلهم حليقو الرأس تماماً.
رواية واقعية أخرى:
إنه “أنجلو فوليا” الذي هو الآخر تحدثت عنه الصحف…
في شهر أغسطس الحار خرج رجل ليتنزه على ضفاف نهر تيتشينو (بافيا-إيطاليا). فرأى طفلاً يتخبط في المياه ويصرخ…والد الطفل ألقى بنفسه لينقذ ابنه فاختفي بين الأمواج…فتاة تتقن السباحة هرعت للإنقاذ لكن التيار جرفها هي الأخرى…ذاك الرجل لم يكن يعرف من هو الطفل ولا والد الطفل ولا الفتاة التي تطوّعت للإنقاذ. كان من أولئك الذين قد اعتادوا ألا يفكروا حين يسمعون الاستغاثة بل يهرعون للنجدة…
ألقى بنفسه في المياه العميقة. استطاع أن يطفو على سطح المياه ساحباً إلى الضفة على التوالي الطفل ثم الأب ثم الفتاة…
بعد هذا الإنجاز البطولي انهارت قواه وغاص في الأعماق!…
إنه “أنجلو فوليا” الذي استشهد بعمله الفدائي ذاك…
وحكايات وأعمال نبيلة أخرى:
* مهاجر من رومانيا: يردّ محفظة وجدها على قارعة الطريق إلى صاحبها وفي قلب المحفظة مبلغ كبير من المال دون أن يقبل أية مكافأة مالية (من أخبار تورينو 31/12/2010)
* جيوليو بارجيلليني من بولونيا (إيطاليا) يهدي 280 كرسياً متحركاً لصالح معاقين من كينا (1 أكتوبر 2006)
* مهندس من فريولي (إيطاليا) يطلب التقاعد المبكر، ليس للتفرغ لهواياته (كباحث في التاريخ) ولكن في سبيل خدمة زوجته المصابة بداء الزهايمر والتي تحتاج الى مساعدة في كل الأمور (من الطعام إلى المشي إلى النظافة…)
إنجازات إنسانية نبيلة حقاً تحفزّنا على النظر بإيجابية الى الحياة.