يوماً بعد يوم،
نعمتك يا رب تقشَع الظلمات عن عينيَّ
لأرى جوهر كيان أخي الإنسان وأختي…
إنك هناك في أعماق كل أخ وأخت لألتقيك وأسبّحك وأحمدك على معجزات حبك…
إنك تكشف لي يوماً بعد يوم أن الاختلاف نِعمة وليس نَقمة،
بدءاً من الاسم، فإلى الشكل، فاللون، فالعِرق، فالثقافة، وصولاً إلى الانتماء الاجتماعي والوطني والفكري والعقائدي…
هذا الاختلاف هو الأشعّة المتعددة المنبعثة من قلب كيانك الإلهي المُبدِع والمحِبّ على إخوتي البشر، لكي أكتشف أن كل إنسان مطالَب بأن يعيش القسمة التي قسمْتَها له، ساعة مولده أولاً، فساعة رُشده، فساعة نضوجه، فساعة كُهولته… كم من التنوّع في الأصل، وكم من التنوّع خلال المسيرة، يا رب!!!
تنوّع لا يعصم فريقاً ويُخَطِّئ فريقاً، لكنه تنوّع يُدخِل في سرّ تدبيرك الإلهي الحكيم، ولم ولن يفهمه إنسان إلّا بقدار تقبّله تدبيرك هذا واحترامه تدبير حكمتك … وبالتالي، فأنا أحترم كل إنسان مختلف عني، أولاً لأنه خاصّتك كمخلوق، ليس فقط، ولكن وأيضاً لأنه خاصّتك كمختلف…
ليس ذلك شهادة ايمان بالنسبية، بمعنى أن كل إنسان يستطيع أن يؤمن بما يحلو له، والكل يملك ملء الحقيقة!! لا …. هذا هَذَيان!!
لكن، ولأن الحقيقة هي أنت فقط يا لله، ووحدك أنت، فالاختلاف في خلائقك هو الطريق الذي يقود إلى الحقيقة التي هي أنت!!
كم هذا عظيم! مذهل! مدهش!!… أنّ احترام أخي الإنسان على ما هو عليه من اختلاف هو واحدة من أجمل شهادات الإيمان بك!
فلأنك أنت يا الله تحترم ما خلقت، فأنت تحترم الاختلاف الذي خَلَقْت عليه الإنسان.
وبالتالي، فالأخُوّة الإنسانية ليست عطفاً وحناناً ورأفة أتكرّم بها على من ألتقيه…
الأخُوّة الإنسانية مِحراب وجودك ومعبد حضورك ومَقدِس عملك الإلهي في قلب الإنسان، كل إنسان وكل الناس.
في الأخُوّة، المرَحَّب بها بلا قيد أو شرط أو أحكام مسبَقة، ألتقيك أنت يا الله، تماماً مثلما ترحّب بي أنت كل يوم ولحظة دون قيد أو شرط أو أحكام مسبقة… وفقط لأنك تحبّني!!…..