الحياة الأبدية
لا تعملوا للقوت الفاني، بل اعملوا للقوت الباقي للحياة الأبدية… (يوحنا 6: 27).
لا تعملوا للقوت الفاني، بل اعملوا للقوت الباقي للحياة الأبدية… (يوحنا 6: 27).
مواضيع في التعليم المسيحي
سالزيان الشرق الأوسط
الجميع
سنتحدث عن ثلاث نقاط في صدد هذا الموضوع:
في حياتنا اليومية نجد التركيز الأكثر على الاستعداد الزمني، وكيف نواجه الصعوبات اليومية، فبذلك يكون هدفا لكل منا:
– الطفل: هدفه من الحياة أن يلعب ويلهو دائما ويكون معه لعب كثيرة.
– الطالب: هدفه من الحياة أن يدرس وينجح ويكون من المتفوقين وينال أعلى المناصب.
– الفلاح: هدفه من الحياة أن ينموا زرعه ويعود له بمحصول وفير ذو ربح هائل.
– الصانع: هدفه من الحياة أن ينتج أكثر وتزداد فروعه ويصبح مليونير.
وهكذا يكون لكل واحد منا هدفا ان كان: المال، السلطة، الشهرة، القداسة… وكل ذلك في حد ذاته حسن، لكن كل ذلك وتلك وسائل (وليست هدفا) لتحقيق الهدف الواحد وهو الوصول إلى الله بعدما فقد الإنسان الأول الحياة مع الله (الخطيئة الأولى). وكما يقول السيد المسيح: «ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه».
هناك قصة تقول: هناك في إحدى المستشفيات وجد الكثير من الناس المشهورين من ممثلين ورجال أعمال وشخصيات مهمة وقد دخلوا المستشفى بعد أن تقدموا في العمر وتجعدت وجوههم ولم يستطيعوا مقابلة الناس وهكذا تحولت المستشفى إلى سجن اختياري وكان كل تفكيرهم وهدفهم من الحياة أن تعظمهم الناس على جمالهم وشهرتهم وقوتهم وغناهم ولكنهم بعدما فقدوا كل شيء مما سبق لم تعد الناس تهتم بهم فلذلك اختاروا المستشفى للاختفاء والموت بالحياة، فإنهم فهموا الحياة خطأ (هدف الحياة الزمنية فقط).
لا تعملوا للطعام الفاني، بل اعملوا للطعام الباقي للحياة الأبدية… (يوحنا 6: 27).
لو نظرنا إلى الكون من مخلوقات سنجد أن الجميع يريدون الحياة على الأرض لأكثر وقت ممكنة، فمثلا: عندما نرى شخص يغرق نجده يتمسك بالحياة إلى أخر لحظة كما يقول المثل: “الغرقان بيتعلق بقشة”.
وأمام الموت في الفراش ساعة الاحتضار نجد الجميع يلتفوا حول المحتضر ويتمنوا أن يسمعوا أو يروا ابتسامة من الطبيب توحي لهم بأن هناك أمل بأنه سوف يعيش لمدة عام أو نصف عام أو شهر أو شهر أو أسبوع أو ساعة واحدة وهنا تكون الدقيقة مهمة جدا ولها ثمن.
وأمام مشهد الإعدام يقول المحكوم عليه: أنا مستعد أن أعطي كل ما أملك وأعمل كخادم كل حياتي لمن يهب لي الحياة.
وأيضاً الحيوانات (القطة) يقال عنها أنها بسبعة أرواح…
وأيضاً نجد الطب الآن يتحدى الموت إلى أقصى درجة، ونجد مرضى الآن يعيشون على الفراش وجسمهم مملوء بالأنابيب (أنابيب نقل دم وجلكوز ونفس اصطناعي) ولا تستطيع أن ترى وجه المريض من كثرة الأنابيب والأجهزة، ومع ذلك المريض في حالة غيبوبة تامة. وأمام كل ذلك نجد فريقين في الحياة:
1- فريق فلسفته: أن يأكل ويشرب لأنه غدا سوف يموت، وهذا ما يعبر عنه القول الشعبي: “هناك من يأكل لكي يعيش، وهناك من يعيش لكي يأكل”.
2-فريق آخر: يعتبر الحياة على الأرض رحلة إلى الحياة الأخرى.
كتبت جريدة ما قصة: زوجة تقول كنت أكره الموت كثيرا جدا وأخاف منه دائما ولكن بعد موت زوجي لم أعد أكره الموت بل أحبه لأن زوجي وحبيبي اجتاز هذا الطريق قبلي. فهكذا المسيح اجتاز الموت من قبلنا كما تقول الترنيمة: “المسيح وطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور” ونجد هذه الفكرة في أيقونة الصلب حيث نجد أسفل الصليب عبارة عن فروع خضراء ممتدة من الأرض حتى عود الصليب وهي تعبر عن الحياة. فهكذا لا يعد الموت للمؤمن بالمسيح موت بل هو مرحلة انتقال وهذا هو الفريق الثاني وهذا ما عبر عنه كثير من القديسين كما قال بولس الرسول: “لي اشتهاء أن أكون المسيح ” وقال في رسالته إلى أهل فيليبي:”فالحياة عندي هي المسيح والموت غنيمة ولكن إذا كان لي في حياة الجسد ما أسعى به سعيا مثمراً فإني لا أعلم ما أختار وأنا بين أمرين فلي رغبة في الذهاب لأكون مع المسيح وهذا أفضل بكثير (فليبي 1: 23).
وكما عبر فرنسيس الأسيزي أجمل تعبير ونادى الموت ” بأخي الموت “.
و هذا المنطق الذي يبرر لنا حياة القديسين و فنائهم و استشهادهم من أجل المسيح. قال المسيح: “من وجد نفسه فقدها و من فقد نفسه وجدها “، فأجمل مثال يحتذى به هو موت المسيح على الصليب من أجل أحبائه.
أننا تعرفنا على الحياة الأبدية عن طريق المسيح وحده، فكان هناك بعض المعرفة عند الشعوب عن الحياة الأبدية : فمثال الفراعنة كانت عندهم فكرة الخلود فكانوا يحنطون الموت لهدف الحياة الآخرة و كانوا يضعون في التوابيت المجوهرات الملابس و الطعام استعداداً للحياة الآخرة التي سيحياها هذا الميت حيث يستطيع أن يجد كل شيء جاهزاً لاستخداماته في الحياة الآخرة أيضاً نعرف ان الفريسيين كانوا يعترفون بالقيامة عكس الصديقون .
ولكن إذ أردنا أن نعرف الحياة الأبدية علينا أن نذهب إلى المسيح وحده كما قال بطرس: “إلى من نذهب يا رب و عندك كلام الحياة ” أيضاً قال المسيح: ” ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله “.
من الكتاب المقدس نعرف أن الأبدية هي صفة الله و التي تميزه عن الإنسان و لكن من يتحد بالله و يؤمن به يأخذ صفة القيامة أي يأخذ صفة الله أي صفة الأبدية، و لكن هناك فهم خاطئ لكلمة السماء و الأبدية عند بعض المؤمنين فهم يقولون السماء نذهب إليها في الآخرة أي بعد الموت، و لكن كلمة السماء ليست السماء المادية التي نراها بل كلمة السماء تعني علوا الله و الله في كل مكان معنى إذاً السماء موجودة على الأرض و في كل إنسان نرى فيه وجه المسيح.
الأبدية تبدأ من الآن
بما أن المسيح حاضر دائماً وهو حاضر في الزمن عن طريق تجسده (الميلاد) فبتجسد المسيح أعطى الأبدية للزمن، فالذي يتحد به الذي يكون دخل في الحاضر أي يكون دخل في حضور الله، و الأبدية تبدأ من الآن و ليس غداً فالذي يعيش الأيمان و الصلاح من الآن يضمن الأبدية و يكون من المختارين عند مجيء المسيح الثاني، و الذي لا يستعد من الآن لا يكون من المختارين بالتالي يفقد الحياة الأبدية الآن و في المجيء الثاني.
فالله خلق الإنسان للحياة وخصص له شجرة الحياة التي كانت كفيلة بأن تجعله يحيى إلى الأبد لولا الخطيئة.